محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2013

العيد والحيوان والسادة المتحضرون


يقول صديقنا المتحضر:

"ما هذه الطريقة الهمجية التي تتعاملون بها مع الحيوانات يوم العيد.. هذا احتفال يليق بكم أيها المتخلفون.. أنتم تعلمون أطفالكم العنف بهذا المشهد الوحشي. اين أنتم من اوروبا وامريكا والدول المتقدمة التي تقدم أفضل رعاية للحيوان."

وكأن أوروبا لا تأكل اللحم، ومقضياها كوسة وجزر وخس وباتون ساليه! بينما تضع مشهد النهاية للخنازير والبقر عبر French kiss فور ايفر.
...

بعيدا عن الحيوان دعونا نستمع لكلام من عرفت أوروبا والدول المتقدمة.

تحكي الدكتورة رشيقة استاذة علم المناعة بجامعة القاهرة والحائزة على جائزة اليونيسكو في العلوم.. أرفع جائزة عالمية بعد جائزة نوبل.. أن مرضا مثل مرض البلهارسيا من الممكن القضاء عليه نهائيا من العالم، ولكن الدول الغربية المتقدمة التي تمتلك أكبر شركات الدواء هي التي ترفض تصنيع لقاح يقضي على المرض. فهي تحتكر العلم وصناعة الدواء ليظل المرض ساريا، فتبيع الدواء وتحقق أرباحا طائلة.

البلهارسيا مرض غير موجود إلا في دول العالم الثالث (لدينا في مصر 100 الف إصابة جديدة سنوية تتطور إلى أمراض خطيرة في الكبد) بينما المتقدمون لا يعانون منه.. لذلك فلا يهم أن نظل مرضى، ويظلوا هم أغنياء.. لتمت القيم وليحيا الدولار.. تقدم تقدم مفيش كلام.. أعتقد أنهم لو عاملونا كحيوان ناطق لكان خير.

بل إن بعض شركات الأدوية ذهبت لافريقيا وقامت بحقن بعض السكان بفيروس الإيدز، دون علمهم، لتقوم بتجارب عليهم ما أدى إلى تحور المرض وتسبب في نتائج خطيرة.

أما عن تعلم الأطفال العنف، فهذه الدول هي التي تنتج ألعاب الكمبيوتر المليئة بالحروب والصراعات والقتل والتي تبيع بالمليارات.. وهي التي تنتج مئات الأفلام في هليود والتي تقوم على القتل والعنف وابتداع وسائل جديدة في الجريمة. بل يفخرون بمصارعة الثيران، الهمجية، والتي يقتل فيها المصارع "الماتادور" الثور الهائج بطعنة من سيفه القصير لا لشيء إلا من أجل امتاع الجماهير.. الذين يدفعون مقابلا سخيا.

وفي النهاية صديقي الذي ينتقد الذبح غالبا هو أول من يرحب بعزومة على نص كيلو كفتة مع السلطات..

طب لو مش هندبح نعمل ايه يعني.. ندبحهم برمش العين مثلا..

وصديقي هذا هو من يتباهى بأنه يرتدي جلد ثعبان أو تمساح. وبدلته خيوطها الداخلية من شعر حصان. وزوجته تضع فرو دب قطبي صادته بندقية نصف أوتوماتيكية لرجل أوروبي متحضر.

طبعا لن أتحدث عن نصف مليون طفل عراقي ماتوا في الحصار الاقتصادي الامريكي من أجل الحصول على النفط.. ولا عن خمسين ألف ليبي قتلتهم الطائرات الفرنسية في حلف الناتو من أجل نفط ليبيا ذو الطبيعة الاستراتيجية والذي ينتقل لأوروبا المتقدمة عبر المتوسط ودون حاجة للمرور بقناة السويس.. ولا عن 400 مليون انسان هم تعداد الهند في اول القرن الفائت، حولتهم بريطانيا "المتحضرة" الى عبيد لاحداث نهضتها الصناعية الثانية.

*
وعن الذبح في الإسلام فالرسول أوصى أن تريح ذبيحتك ولا ترهقها بسكين خشن وتبحث عن كل السبل التي لا تؤدي إلى إيلامها. ولا تذبح واحدة أمام أخرى.

إحدى المرات رأى الرسول رجلين يقفان في الطريق يتحدثان بينما كل واحد يركب حمارته.. فانكر عليهما، وقال، إن أردتما الحديث فاهبطا عن ظهورهما.. فالله خلقها لتنقلكم وليس مطايا تعذبوها.

فالحيوان له وظيفة انتاجية في المجتمع يجب استغلاله فيها دون أن تظلمه أو تحمله فوق طاقته. وعليك أن تحسن معاملة كل شيء. حتى الدابة التي تركبها.. هكذا الإسلام.

ومن فضل القول أن نذكر أن بغي ، عاهرة ، في بني اسرائيل دخلت الجنة لأنها رفقت بكلب أصابه العطش، فرق قلبها، فلم تجد شيئا تسقيه فيه فوضعت الماء في حذائها.. فغفر الله لها ذنوبها. وأن امرأة أخرى دخلت النار في قطة حبستها لا تركتها تأكل من خشاش الأرض ولا هي أطعمتها.

والرسول يقابل طفلا صغيرا في طرقات المدينة يجده يلعب مع طائر بعنف. فيقف يحدثه في رفق، ويقول يا ابا عمير ما فعل النغير..؟

محمد رسول الله. حاكم المدينة. وقاضي القضاة. وقائد الجند. يمشي كآحاد الناس فيقابل طفلا يعبث بعصفور فيقف ويتحدث وينصح ويرفق ويحنوا.. وقت أن كان الحكم الامبراطوري يضع عشرات الحواجز والحجب والحرس والخفر والقصور والجياد المطهمة والمواكب المهيبة للقادة والملوك.

جاء محمد عليه الصلاة والسلام ومشى في الشارع وحيدا. وأحيانا حافيا. يعلم الناس البساطة والتواضع والمساواة. لكن المركزية الأوروبية ترفض أن تعترف بأي فضل لحضارة خارج أراضيها.. والمنسحقون المهووسون المنبهرون بهم يسيرون على الدرب.

السلفي المتدين يعبد كل ما يأتي من خلف البحر الأحمر دون أن يعمل عقله. تماما مثل غريمه المتحضر الذي يعبد كل ما يأتي من خلف البحر الأبيض دون وعي.. كلاهما يعبد الأسلاف والأشخاص دون أن يتخلص من عبوديته ويتعلم التفكير النقدي الحر.

عيدكم سعيد، وانا هاخد الفرو..
 


للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

البروفايل الشخصي

https://www.facebook.com/M.ELDWEK


 


الصفحة الرسمية

 
 

https://www.facebook.com/M.ELDWIK