محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2013

بطاطا الحرية


يقول الله في سورة الحجرات:
( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما. فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله. فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل. وأقسطوا. إن الله يحب المقسطين ( 9 ) إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ( 10 )

لأن القرآن دين واقعي لا يفترض في أحد العصمة ولا يضع قداسة لتابعي دين بعينه. فقد افترض...
حدوث خلافات بين طوائف المؤمنين انفسهم. ولم يهرب من المواجهة، بل وضع حلولا منضبطة لانهاء الخلاف. فأحد أهم مقاصد الدين، الحياة الآمنة بين البشر ووضع القواعد المحايدة التي تصل بالخلافات إلى حدودها الدنيا.

في الآية قال لو فئتان من المؤمنين اقتتلوا، أصلحوا بينهما. أولا. قبل الانجرار الى الحرب. فإن بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا البغي. قاوموا الظلم. لتكون النهاية هي الصلح أيضا. بالعدل. وأقسطوا إن الله يحب المقسطين. ومن قبل كل ذلك وبعده تذكروا أنكم إخوة.

لاحظ التأكيد على كلمات مثل، أصلحوا – العدل – القسط.. وذكرها بشكل مكثف حتى تستقر في وجدان المجتمع المؤمن، وتكون هي المحرك لكافة تصرفاته ومحور أخلاقه، حتى أثناء الحرب.

هذا هو غرض القتال في الإسلام.. اقرار العدل ودفع الظلم ونشر التصالح.. وجعل القوة تابعة للحق منقادة له وليس العكس. وأن يكون الهدف هو الضغط من أجل التصالح. وليس من أجل الكسب المادي والأهواء. شيء يشبه فارس العدالة الذي يظهر وقت انتشار الظلم فيحقق العدل ويحارب الطغاة ويحقق السلام للعالم، ولو للحظة.

وهذا مخالف لما اعتادته العرب أن يكون التناصر قائم على النزعة القبلية البحتة دون مراعاة لقواعد العدل. فيما يمثله بيت الشعر:

ولسنا نسائل أخانا حين يندبنا .. في النائبات على ما قال برهانا

حتى لو كان أحد الأطراف غير مؤمن، فيجوز لنا التدخل لإقرار الصلح، كما سمحت الآية لرسول الله أن يحكم بين المتخاصمين من غير المسلمين لو لجأوا له. وأوصاه بالقسط.

(فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ... وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين). المائدة 42

تريدون تبطيق الإسلام..؟ اجعلوا لكم تحالفا قويا يدعمه القانون الدولي وترتضيه الهيئات الدولية فيما يشبه بمحكمة عدل حقيقية تتبعها قوة تفرض قرارها على الباغي وتناصر المظلوم وتنشر الصلح.

القانون في أحد تفاسيره اليونانية. Canon أي العصا. فكل قاعدة قانونية لا تملك قوة تضمن تنفيذها هي عبث.

حلف الناتو ينفق 70% من النفقات العسكرية العالمية.. أمريكا وحدها تنفق 40% من ميزانية التسليح العالمي. أنتم لا شيء يا سادة.

حلف الناتو يقاتل من أجل الغنائم.. من أجل النفط وطرق التجارة وفتح أسواق استهلاكية جديدة وبسط النفوذ.. أما الإسلام فقال قاتلوا لاقرار العدل ومقاومة الظلم ونشر التصالح.

ويظل تابعي الإسلام مصرين على أننا دميون. رغم ضعفنا. ويظل الإعلام الغربي يفرح بهذه الصورة الذهنية عنا ويروجها. بينما هو من يمارس القتل المباشر، وفي النهاية يجلس على مائدة طعام أنيقة يجرع النبيذ ويلتهم اللحم المقدد.

الإسلام يهتم بمفهومي العدل والقوة. كمتلازمان.. أنتم ظالمون ضعفاء. فكيف ترفعون شعارا إسلاميا!

ها هي سوريا أمامنا، من يملك القرار فيها أمريكا. وروسيا. وفرنسا. منذ أيام اجتمعت مجموعة العشرين في روسيا في مدينة سانت بترسبرغ، لنظر الضربة على سوريا. ويوافق أوباما وفرنسوا أولاند على توجيه ضربه عسكرية، على خلاف العلاقة الجدلية بين البلدين؛ حيث كانت فرنسا رافضة لتوجيه ضربة للعراق منذ عشر سنوات، ما أثار توترا في العلاقة بين البلدين، وجعل أمريكا تتخذ قرارات حاسمة في علاقتها بفرنسا..

فقامت المطاعم الامريكية بالغاء صنف البطاطا المقلية من قائمة المطاعم الامريكية لأن اسمها "فرنش فرايز" ما يشير الى دولة فرنسا. (!)

وقاموا باستبدالها بكلمة "فريدوم فرايز". أي بطاطا الحرية.. في إشارة الى تمثال الحرية في نيويورك دون أن ينتبهوا إلى أنه كان هدية من فرنسا أيضا عام 1886.

وصارت بطاطا الحرية تقدم في طائرة الرئاسة!

لا تحدثني عن ملايين القتلى يا سيدي. لا يهمني تدمير جيش دولة. أنا غير مكترث بشركات النفط التي تستولي على ثروات العراق.. المهم هو بطاطا الحرية.
 


للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

البروفايل الشخصي

https://www.facebook.com/M.ELDWEK


 


الصفحة الرسمية

 
 

https://www.facebook.com/M.ELDWIK

 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق