محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الخميس، 16 مايو 2013

وسمع الله صوتها

افتحي أول صفحات صحيح البخاري، كتاب الوحي. الحديث رقم 3 . إنه يروي خوف محمد الرسول من هبوط جبريل الأول ، وارتماءه في حضن خديجة التي تحتوي خوفه وتذكره بفضائله من شجاعة وكرم ورحمة . تتبنى قضيته و تأخذه من يده وتذهب به إلى راهب كي تعرض عليه المشكلة.

فكان هبوط الوحي مقترن بصحبة خديجة. امرأة.

وافتحي كتاب الله . ستجدي أن أطول سور القرآن . هي سورة النساء . ولا توجد سورة اسمها الرج
ال . وهناك سورة على اسم امرأة "مريم" . وسورة أخرى تحكي عن ملكة سبأ. حيث يمتدح براعتها وحكمتها في إدارة شؤون المملكة.

واقرأي في السيرة عن أم عمارة ، نسيبة بنت كعب ، وقفت تدافع عن محمد الرسول في أحد . ويفتخر بها . ويقول ، ما التفت يمنة ولا يسرة إلا وجدتها تدافع من دوني.

عند سفح جبل أحد فر الكثير من الرجال الأشداء المؤمنين من المهاجرين والانصار . ووقفت امرأة. تحمل سيفا ، تجري وتهرول ، تطعن وتتلقى الطعنات. لم يهتم الرسول أن يأمرها بعدم الاختلاط أو مخافة لمس جسد رجل أجنبي أو كل هذا الهوس . غالبا كانت ترتدي ملابس عملية "بنطلون" حتى تستطيع الكر والفر والحركة. وغالبا لم تكن مختفية المعالم!

وفاطمة وقف لها الرسول وهو وسط مجالس الرجال يحيها ويفسح لها إلى جواره.

وكان يضع قدمه على الأرض لتصعد زوجته على فخذه لتركب الهودج.

ولما مات الرسول، وجمع القرآن في مصحف واحد حُفظ عند امرأة. حفصة. رغم خطورة الأمر واحتياج جماعة من الرجال الأشداء للحفاظ على هذه النسخة الوحيدة.

وعينها عمر بن الخطاب كمحتسب يراقب الأسواق . إنها الشفاء بنت عبد الله ، التي تولت وظيفة تقترب من وظيفة مدير الأمن في الوقت الحالي . وكان يقدمها في الرأي ويستمع لها.

وجاءته خولة بنت ثعلبة تشكو زوجها الذي ظاهرها . فنزلت السماء بآيات تحل مشكلتها .. تخيلي، الله في السماء يستمع لامرأة لديها مشكلة زوجية ، ويكرس الوحي خصوصا لحالاتها.

وكانت المرأة تصلي خلف الرسول في ذات المسجد دون حجاب يفصلهما . ويتوضأون من ذات المكان جميعا ( حديث البخاري ) .

وجاءته فتاة صغيرة تشتكي أن أبيها زوجها جبرا . فأحضر الرسول أباها زوجها وحكم لها بحق فسخ علاقة الزوجية. وأعطاها ذمة مالية مستقلة تبيع وتشتري وتتاجر . فضلا عن مباشرتها للنكاح دون ولي ( كما عند السادة الأحناف ) وحقها في الطلاق والخلع والنفقة.

وكان العرب يقتلوها طفلة . فنزلت الآيات تعطيها الحق في الحياة . وكانوا يحرموها من الميراث ( ولا يزالون ) فأعطاها نصيبها . بالمناسبة نصيب المرأة في الميراث في بعض الحالات يتساوى مع نصيب الرجل . وأحيانا يزيد عليه . ولكننا لم ندرس المواريث .

تلاحظي أن قضيتها حاضرة بقوة في النص الأول.

أوروبا لفترة قريبة جدا لم تكن تعطي للمرأة حق التصويت. والحضارة اليونانية كانت تسمح للرجل بقتل زوجته دون عقاب. والسيدة ماري كوري عندما حصدت نوبل كتبوها باسم زوجها حرجا من أن ينادوا اسم امرأة في جائزة كبيرة كتلك .

ليست مشكلة الدين . إنما ، مشكلة نفوسنا المريضة التي لم تعتد المعاملة الحسنة مع الناس أجمعين . إنها مشكلة سلوك لا أكثر .

 
...............
 

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

البروفايل الشخصي

https://www.facebook.com/M.ELDWEK

الصفحة الرسمية

https://www.facebook.com/M.ELDWIK

 

هناك 5 تعليقات:

  1. مقال اكتر من رائع وجميل .. والله ابكيتني

    ردحذف
  2. رائع يادويك كالعادة

    ردحذف
  3. الف مبروك على المدونه وعلى المدونين

    ردحذف
  4. الف مبروك علي المدونةويارب من نجاح لنجاح اكبر

    ردحذف
  5. رائع :) ... بارك الله فيك
    سمعت أحدهم يقول "الإسلام ظلم المرأة" :D

    ردحذف