محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الخميس، 16 مايو 2013

يوسف الصديق .. وزيراً للاقتصاد

كنت أقرأ قصة يوسف في القرآن. وتوقفت عند نقطة مهمة، فعدت لمصادرها في التوراة. وتأكدت لي نفس الفكرة.

يوسف النبي، عندما خرج من السجن، وفسر الحلم لفرعون مصر، وعرض نفسه لتولي منصب الخزانة العامة، وزارة الاقتصاد والمالية، لم يتعرض للفروق العقيدي
ة بينه وبين فرعون.

لم يدعوه إلى دينه ودين آباءه إبراهيم ويعقوب.

كان همه الاتحاد مع رئيس الدولة، المخالف له في الدين، لإنقاذ البلد من الجائحة التي تتسبب في الفقر والجوع .. ووضع يده في يد فرعون. الذي قد يكون وثنيا. ويوسف نبي الزمان. لحماية أرض مصر مما تتهدده من مصير قاتم لسنوات.

ولم يستخدم منصبه الوظيفي للتبشير الديني، ولكن لرفاهية الناس.

وعندما قدم نفسه لتولي الوظيفة، قدم كفاءاته qualification فقال إني حفيظ عليم .. اليقظة الذهنية والقدرة الفكرية على التصرف بعلم .. والتي تتوافق مع مواصفات الوظيفة job description. وهنا اختاره فرعون لأنه أمين، ليس لأنه نبي.

احتمال آخر.. أن فرعون كان موحدا.. وأن يوسف رأى أن الاشتراك في عبادة الله الواحد كافية كأرضية مشتركة، حتى ولو اختلفت الشرائع والتصورات.

المهم أن الإدارة الاقتصادية ليوسف وفرعون كانت تضع هدفا واحدا.. حماية الناس من الفقر، وحماية الأرض من البوار.. بغض النظر عن طبيعة عقائد المصريين أو عقائد الحكام..

فلو تهددت حياة الناس فالعقيدة بلا قيمة..

( حكم مدني ! علماني ! يا ربي الرحيم أنا فقط أفكر)

الحوار القرآني يركز على الجانب المعيشي أكثر من تركيزه على الفروق الدينية.. لأن الخطر إذا جاء أكل الجميع .. ركز على العمل والوحدة والمواجهة . حتى لو تجاوز العقائد.

ربما اللمحة الوحيدة كانت لفتيان السجن ، عندما دعاهما إلى الله الواحد

( يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار )

أولا، لاحظ اسلوب الخطاب، يحدثهما بلفظة ، يا صاحبي .. حتى لو كانا وثنيان يعبدا أربابا من دون الله.

في ذات الوقت قدم لهم النصح وتأويل الرؤيا.. كما أنه انتظر الطعام ليأكل معهم.. ثم تركهما يختارا عقيدتهما كما يشاءان، دون إكراه أو عداء أو غلظة أو تنفير.

وانتهى به الحال معهما، رغم اختلاف العقيدة، بأن خاطبهم بـ يا صاحبي .. وكررها مرتين.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق