محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الخميس، 9 مايو 2013

الشألباظ السلفي..بما لا يخالف الشريعة

ثلاث شهادات:

- الشهادة الأولى من الأستاذ فهمي هويدي، الكاتب والباحث في الفكر الإسلامي والحركات الإسلامية، حيث يذكر في مقال بتاريخ 23 ابريل أن السلفية الدعوية كانت "تنسق" مع جهاز أمن الدولة في العهد السابق، نظرا لما بينهما من "تفهمات" في بعض الشئون.


الحركة السلفية كانت تحرم الخروج على الحاكم، وتجرم التظاهرات، ولا تشتغل بالسياسة، وكل معاركها تدور حول أمور شكلية مثل النقاب والمساجد التي بها ضريح وتكفير الشيعة.. وذاك ما يلقى هوى لدى النظام السياسي السابق، والذي يريد إلهاء الناس في أي شيء عدا مشاكلهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

- الشهادة الثانية من الشيخ محمد عبد المقصود، الداعية السلفي الشهير، والذي يعتبروه مرجعية علمية كبرى، عندما اختلف مع تنظيمات التيار السلفي بالاسكندرية فخرج على الفضائيات وقال بوضوح أن السلفيين قبل الثورة كانوا عملاء لأمن الدولة.

- أما الشهادة الثالثة فهي من الدكتور طارق حجي، المفكر العلماني وخبير الطاقة، حيث ينقل تصريحا لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي أثناء لقاء جمعهما على مائدة عشاء، حين تحدثوا عن الشأن المصري، فقال الوزير أنه "بيربي" التيار السلفي ويدعم وجوده بقوة ليقضي على نفوذ الإخوان شعبيا. وأنهم جماعة من السذج الذين يريدون تطبيق الشريعة عبر مسائل شكلية تافهة لا تتصادم مع سياسات النظام في شيء.

*

السؤال هنا، كيف لتيار خرج من رحم أمن الدولة، ويحمل فكرا يعادي الثورة، ويتبنى خطابا دينيا متطرف، أن يحتل المكان رقم 2 في أول برلمان تالي للثورة؟

أي خبل هذا !

ألم يكن العزل السياسي المفروض على أعضاء الحزب الوطني أوجب في حقهم؟

ولو قلت لي أنهم جزء من شعب مصر.. سأقول لك أن الحزب الوطني أيضا جزء من شعب مصر، بلغ في بعض الإحصاءات 3 مليون عضو، وليس مجلوبا من جنوب أفريقيا أو نيجيريا.. ولو قلت لي أن الحزب الوطني أفسد الاقتصاد والسياسة ، سأقول لك أن التفكير السلفي الماضوي أفسد عقول الناس.. فكلاهما ارتكب جرما كبيرا.

فتجريف الأرض من طبقة الطمي الخصبة المسئولة عن النماء لا يقل خطورة عن تجريف العقول من الأفكار الدينية المستنيرة.

*

رصد:

- حضور احتفال عيد الاستقلال الوطني في السفارة الأمريكية، والوقوف للسلام الجمهوري الأمريكي، ليس حراما. لكن الاحتفال بالمولد النبوي والوقوف للعلم المصري حرام.

- السياحة الاسرائيلية في مصر جائزة، ولم نسمع اعتراض واحد عليها، لكن السياحة الإيرانية الشيعية "المسلمة" خطر داهم.

رغم أن الشيعة موجودون في ظل جوار سني كبير ولم يؤدي ذلك إلى تشيعهم أو تركهم لمذهبهم. (المسلمون السنة 90% تقريبا من تعداد الإسلام العالمي. فلا خطر عليهم. الخطر يقع على الأقلية الشيعية أن تتبدل عقيدتها وتوافق الجمهور) بل هناك ما يزيد عن عشرة ملايين سني في إيران يمارسون حياتهم اليومية العادية ولم يفتنوا في دينهم. ودولة البحرين نصفها سني ونصفها شيعة ولا توجد تحولات مذهبية كبرى. وكذلك العراق وسوريا ولبنان.

بل الدولة الفاطمية الشيعية عاشت في مصر قرنين من الزمان بين عامي 979 – 1172 ولم يغير المصريون ثوابتهم الدينية وظلوا محافظين على مذهبهم السني.

بالمناسبة المصريون لم يستسيغوا الفقه الحنبلي النصي الذي يتمسك بظاهر الحديث ويقدمه على القياس والاستحسان والمصلحة المرسلة، وفضلوا مدرسة الرأي في الفقه الحنفي أو الشافعي أو المالكي. ولم يجلس على كرسي مشيخة الأزهر شيخ واحد حنبلي منذ نشأة المنصب في القرن السابع عشر حين تولاه الشيخ محمد الخرشي المالكي.

- هدم الأضرحة في مساجد المسلمين وترويع الناس. بينما لم تمتد أيدهم إلى قبر الحاخام اليهودي ذي الأصول المغربية، أبو حصيرة، بمحافظة البحيرة.

- إعلان زيارة مرتقبة لقيادات سلفية للولايات المتحدة الأمريكية لمقابلة مسئولين سياسيين ومراكز بحثية وأعضاء بالكونجرس.

الزيارة استكشافية بالنسبة للولايات المتحدة التي لا تترك أي ظاهرة خارج الدراسة الدقيقة، بينما الشيخ برهامي يؤكد أنها زيارة دعوية!! أظن أن السيدة سوزان رايس من الممكن أن تقتنع بالحجاب. والسيد أوباما قد يفيئ لدين آبائه ويطلق لحيته ويتفرغ لإحياء صلاة التروايح في ليالي رمضان المباركة بشوارع مانهتن.

طبعا بعد أن كانت أمريكا هي الشيطان الأعظم الذي ندعو عليه في كل صلواتنا.. أعلن المعهد الجمهوري الأمريكي أن قيادات سلفية بحزب النور تلقت تدريبات سياسية مكثفة فيه. ولكن النصارى كفرة ملاعين يا أخي!

- كان الحق عندهم واحد لا يتعدد، ينطق به شيوخهم، وكل من يخالفه فهو مفتون أو ضال أو كاره للإسلام .. وبعد أن دخلوا معترك السياسة تعدد الحق وصار موزعا على 8 أحزاب سلفية. و 16 حزب إسلامي.

- كانوا يتهمون الاحزاب المدنية أنها علمانية كافرة تفصل الدين عن السياسة.. وبعد الأزمة الأخيرة بين جناحي حزب النور.. عبد الغفور / برهامي.. وقبل انشقاق حزب الوطن.. خرج متحدث سابق باسم حزب النور، محمد نور، على قناة الجزيرة وقال بوجوب فصل الدعوي عن الحزبي (!) لأن هناك مشاكل كبرى حدثت بالفعل نتاج هذا الخلط. حيث تغولت بعض القيادات الدعوية على العمل السياسي الذي لا تفقه فيه، مما أدى إلى استبداد داخل الحزب.

يااااه .. فصل "الدعوي"، عن "الحزبي" ؟؟ لأن هذا يحدث ضررا.. أليس هذا ترجمة مهذبة لمصطلح فصل الديني عن السياسي .. لأن الدين مقدس والسياسة نسبية.

من حقهم ممارسة السياسة.. لكن يجب أن يعترفوا أنهم ارتكبوا أخطاء كبرى في حق الناس وحق الدين وحق الثورة، بكل هذا الضجيج الأحمق الذي أثاروه وبكل تلك الازدواجية التي يمارسوها.

طبعا هذا غير التراجعات الفقهية الكبرى التي قاموا بها منذ قيام الثورة والتي تحتاج إلى مقال ثان منفصل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق