محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الأربعاء، 24 أبريل 2013

لماذا الاسلام؟

لأن الدين يقدم أفضل صور الالتزام الاجتماعي

-------------------------------------------------------

الإصلاح في الدول المركزية الكبرى يبدأ من أعلى. ففساد الرأس يستتبع فساد القاعدة. السمكة تفسد من رأسها وأول الوهن يدب في الفروع العليا من الشجرة. الله في شريعته الرئيسية الأولى الباقية حتى الآن، الشريعة اليهودية، والتي يمتد عمرها لقرابة أربعة آلاف سنة، عندما أرسل موسى النبي، وجهه مباشرة إلى رأس النظام. الملك الإله. الرئيس.

قال له: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى. فقولا له قولا لينا. لعله يتذكر أو يخشى.)

وأول الفساد، فرض رؤية أحادية عليا من قبل النظام، تدّعي الصواب وتقصي ما دونها بوصفه ضلالا..

فقال فرعون: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد.)

الأديان هي فعل ثوري على الواقع الاجتماعي الفاسد، وعلى النظام السياسي المستبد.. وهي عامل مقاومة يضمن التوازن بين السلطة والناس. كما أنها تضمن الالتزام التلقائي بين الناس حتى لو غابت رقابة القانون. و مظاهر العبادات كلها تحمل طابع، جمعي / اجتماعي، يجعل الناس أكثر اقترابا.. نتجاور في صلاة الجماعة ونصوم في ذات الشهر ويأخذ الفقير حقه من الغني دون تكبر أو من.

الأديان تتصدى لأكبر قضية إنسانية معقدة عرفتها النظم.. وهي إنشاء أفضل صور "الالتزام الاجتماعي" بتنويعاته، ما بين القانون والعرف البشري والميثاق الأخلاقي الفردي. وجعلت الضابط هنا عائد إلى فكرة عليا تتفوق على البشر "الله"، حيث تسند القيم له وتكون الأفعال السيئة معاقبة من لدنه..

أيضا تأخذ أحكامه شكلا يقينيا مؤبدا.. أنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط.. بعكس القاعدة القانونية القابلة للتغير. والتي تخضع غالبا لاعتبارات مصالح القوة ونوازع البشر.. وبعكس العرف الاجتماعي الذي قد يترجم واقعا سيئا ترسخ بكثرة التكرار مما قد يجعل ثمة صعوبة في تغييره.

الشعب الأمريكي، وفقا لبعض الإحصاءات، من أكثر الشعوب المهتمة بالدين في العالم حاليا.. والسلطة السياسية تفهم ذلك جيدا لذلك تحاول استخدام تعاليم الدين لضمان التفوق.. راجع خطاب ميت رومني، المرشح الجمهوري السابق، المسيحي المورمونيي الملتزم، وستجده مشحونا بالعواطف الدينية المقدسة، أيضا قضية مثل إباحة الإجهاض تكون مهمة أثناء الانتخابات.

كذلك اليابان بوصفها ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد أمريكا، (ضعف الوطن العربي،22 دولة، مجتمعة. بكل ما فيها من بترول وثروات وسياحة) يتوجه طلاب الثانوية إلى معابد الشنو لاستلهام البركة قبل بدء الامتحانات.. ويتمسكون بتقاليد الكيمونو وشراب الساكيه ومسرح الكابوكي الشعبي لمقاومة إعصار العولمة الذي يحمل ختما أمريكيا.

قد تكون أوروبا هي القارة التي ملت الأديان بحق.. وهذا يعود لظروف تاريخية ولاهوتية خاصة بها. ويجب أن ندرك تلك التجربة الدينية هناك بين الصعود والتردي حتى لا تتكرر في المنطقة الشرقية..

ولكن ملل أوروبا للأديان جعلها معرضة للتشتت النفسي لدي بعض شعوبها.. ولذلك صارت بيوت الدعارة ومحلات الخمور هناك هي الطابع الرئيسي للهرب من السؤال الوجودي الأهم. بل صارت هذه الأماكن تحقق أرباحا تتفوق على صناعات ضخمة مثل صناعة السيارات. الأمر قد يبدو محيرا، طالما أن هناك حرية جنسية، وتستطيع أن تمارس مع صديقتك دون أي تكاليف اجتماعية أو مادية، فلماذا بيوت الدعارة تلك التي تقدم المتعة بأكثر من طريقة خيالية..

أكرر كلام الفيلسوف الفرنسي بسكال.. رغيف الخبز وحده لا يكفي.. النجاح الاقتصادي لا يقدم كل الحلول، وإن كان مهما.. لابد من إحساس اجتماعي بالحنان. وبعد إيماني يسد الفراغ الروحي بداخلنا.

والإسلام، أعتقد، يقدم الثلاثة أبعاد.. رغيف الخبز، والحنان، والإيمان.

وتلك إجابة على سؤال، لماذا الإسلام..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق