محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الثلاثاء، 16 أبريل 2013

فالله يحكم بينهم

طريقة الحوار التي تحتكر الجنة، وتضمن الحقيقة المقدسة، وتصم الآخرين بالهلاك، خطأ كبير وقع فيه أتباع الديانات السابقة، لذلك رواه الله لنا حتى لا نعيد ذات الحماقات. ولكننا لا نعتبر.

يقول الله:

( وقالو لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى . تلك أمانيهم . قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )

ويرد الله على هذا الادعاء في التالي:

( بلى من أسلم وجهه لله . وهو محسن . فله أجره عند ربه . ولا خوف عليهم...
.)

تجاوز الله تلك المزايدات، وأورد ضابطا عاما يتمثل في:

إسلام الوجه لله.. وإسلام الوجه تدل على وجود إرادة مختارة دون إكراه. ووعي بطبيعة الفعل دون تلقين أو تشويش. مسالمة الوجه فيها حرية ووعي كاملين.

ثم الإحسان.. وهو دليل على أن حياتك تقضيها من أجل الأفعال والمشاعر الطيبة. وأنك مشغول بالنموذج الأحسن. دون أن يفسر لك الله تفاصيله. أنت أيها الإنسان مسئول عن استكشاف الأحسن دون الغوص في تكاليف لاهوتية. أنت تمتلك إرادة وعقل وتاريخ وتجربة.

الآيات التالية، تحذير من التراشق العقائدي بمن على حق ومن على باطل. ووقع فيه أيضا السابقون من أهل الكتاب:

( وقالت اليهود ليست النصارى على شيء . وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب . كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم . فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون )

ختام الآية أن الله وحده من يفصل في هذه القضية العقائدية، وأنها ليست من وظيفة البشر ولا من شئون الحياة. وأنه يجب الكف عن هذه المهاترات وادعاء الأفضلية واتهام الأخرين بالضلال والبطلان.

ليس لنا في الدنيا سوى أن نجتهد في البحث عن مسالمة الوجه لله والإحسان. من على حق ومن على باطل. تلك قضية يفصل الله فيها يوم القيامة ونزع عنا هذا الاختصاص في الدنيا. أما التطاول والتراشق والتعالي فهو من شئون الجهلاء المذمومين بنص القرآن.

لماذا نعيد تكرار ذات الحماقات التي مضى عليها آلاف السنين وحذرنا منها القرآن؟ لماذا نلبسها ثوب الدين رغم أن الدين هو من حذر منها. اعبد الله في سلام يا رجل واترك شئون غيرك ليوم القيامة. لدينا قضايا أخرى أهم.

*

معهد القلب في مصر منذ أيام قليلة قام بأول عملية لإصلاح صمام القلب الأورطي من خلال أسطرة تداخلية بديلا عن عمليات القلب المفتوح المرهقة والتي تتسبب في أذى بالغ للمريض.

تلك العمليات تحدث في العالم منذ أكثر من 11 سنة على يد أطباء فرنسيين وأمريكان. ونسب النجاح فيها تصل الى 90%. وهناك 10 آلاف حالة تمت بالفعل بنجاح كامل . مصر لا زات مبتدئة في هذا الخصوص ولم تقم إلا بست حالات فقط.

نجاح جيد يجب تشجيعه والوقوف عليه. وهذه هي وظيفتنا في الحياة؛ العلم الذي يمتلك قلبا رحيما يساعد الآخرين في "تحسين" شئون حياتهم .. والتحسين من الحسنى والأحسن . وتلك الكلمة شطر أسباب النجاة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق