ما بين التدين والتدني

بسمع لقاء قديم للدكتور مرسي مع يسري فودة , من حوالي سنة ونص , عقب انشاء حزب الحرية والعدالة .. اثناء الحوار جاء خبر عن عزم الدكتور ابو الفتوح ترشحه للرئاسة , وهنا قال الدكتور مرسي ان هذا مخالف لقرار الجماعة النهائي بعدم الترشح وأنها لا تريد التنافس على الرئاسة وأن من يفعل هذا من اعضائها سيتعرض للمساءلة .

 

ثم كان ما كان ..

 

حينما تركناهم يكذبون علينا ويحنثون بوعودهم

ثم مررنا الامر على شاكلة " طب ما كله بيكذب " هنا كانت البداية التي انتهت الى مشهد ميدان التحرير المرير .

 

حسني مبارك حينما جاء الى الرئاسة قال ان في نيته ان يظل فترة واحدة فقط .. ثم ترشح للثانية فسكت الناس ووجدوا له مبررات .. ثم صارت ثلاثين سنة من الفساد .

 

ايهود اولمرت رئيس وزراء اسرائيل أقيل من منصبه وأدين في قضايا رشوة تتمثل في تقاضيه هدايا مثل تذاكر سفر مجانية وأقلام فاخرة ! رغم انها اشياء تافهة.

 

وبيل كلينتون بكى أمام الشعب بعد أزمة مونيكا رغم أنه صاحب انجاز اقتصادي كبير لبلده , كلينتون يمثل نقطة فارقة في اقتصاد امريكا الحديث ورغم ذلك لم يتهانوا معه .. وكانت مشكلته في أنه كذب وأنكر علاقته بمونيكا ليويسكي ثم ثبتت تلك العلاقة .. ورغم انه شيء تافه , ولكن الدول المحترمة تعرف انه لا يجب التهاون في اي خطأ لأصحاب المسئولية والمناصب الكبرى .

 

جاك شيراك رئيس فرنسا الاسبق والرجل المحوري في سياستها الخارجية والداخلية لمدة ربع قرن , حاسبوه لتضخم الثروة وحصوله على "شقة" صغيرة منحها لابنته كي تتزوج فيها !

 

وملكة بريطانيا يحاسبها البرلمان حسابا دقيقا حول نفقات القصر , واضطرت الى الاستدانة لاجراء بعض الترميمات .

 

قديما حينما كان عمر بن الخطاب يوزع قطع القماش على الناس بالتساوي من خزينة الدولة , وقف له أحدهم متبرما واتهمه بالظلم وأن الناس يجب ان تتوقف عن طاعته , فتعجب عمر وسأل عن السبب , فقال له الرجل أنه اقتطع لنفسه قطعة قماش اكبر لأنه أطول قامة منهم .. فوضح له عمر انه اخذ قطعة قماش موازية لهم ولكن ابنه عبد الله قد اعطاه قطعته كي يكمل بها ثوبه !!

 

وأذكر جيدا محمد رسول الله حينما أخرجه الجوع من بيته ليبحث عن أحدهم ليقدم له بعض الطعام , رغم ان من حقه الحصول على بعض الاموال بوصفه حاكم أو قائد جيوش وبشكل قانوني .

 

وأذكر تفتيش المصلين في الاسكندرية قبل دخولهم للمسجد الذي يصلي فيه الدكتور مرسي والشارع المسدود بسيارات الحراسة والشارع المسدود بعشرات سيارات الامن المركزي , رغم ان هذه القوات لو انتشرت في الشوارع ستمنع الجريمة وستمنح الامن للمصريين .

 

الكذب جريمة سياسية , وحينما تصدر من رجال تحمل شعارات اسلامية فالجريمة مضاعفة .

 

*

لن تنتصر نصوص الدستور أو بنود القانون للإسلام إنما تصرفات الرجال التي تشعر بالمسئولية ولديها ضمير يقظ وتلزم نفسها بميثاق أخلاقي حميد .

 

احد اساتذة علم النفس كان يشرح الاضطراب النفسي الذي يصيب بعض الاشخاص ويرى أن حديث الرسول عن المنافق يمثل أفضل توصيف له " اذا تحدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر "

 

وبالمتابعة الدقيقة نجد أن التيارات الاسلامية التي تبتغي الشريعة قد قامت بما نهى عنه النبي والذي يعتبره علم النفس خلالا جسيما في شخصية الانسان .. لقد كذبوا علينا مرات عديدة , ابتداءا بشعار مشاركة لا مغالبة وانتهاءا بوعود الرئيس التي ذهبت أدراج الرياح وبموقف الشيخ ياسر برهامي الاخير المشين .

 

أرجو مراجعة وثيقة "فيرمونت" التي تحدث عنها الكاتب الصحفي وائل قنديل والتي مثلت اتفاق بين القوى السياسية وبين الرئيس مرسي في باحة فندق فيرمونت على الوقوف الى جواره في جولة الاعادة على أن يلتزم بعدة شروط .. يقول وائل قنديل أنه كان شاهدا عليها وأن الرئيس مرسي أطاح بها بمجرد وصوله للرئاسة , بل وشعر بالندم لأنه قطع عهدا مع جماعة لا تعرف قيمة العهود .

 

كما أنهم بعد ان انفضت الثورة وتحولوا الى السلطة بدأوا في صنع خصومة غير شريفة مع الآخرين , رغم أنهم كانوا في خندق واحد من ذي قبل , وصارت خصومة غير أخلاقية مليئة بالانحطاط , ومن يتابع الحملة الشرسة ضد صباحي والبرادعي وهبة رؤوف سيعرف أنه ينطبق عليهم وصف النبي : فجر في الخصومة .

 

*

المتابع الدقيق لتاريخ مصر يعرف ان من قدم خدمات جليلة للاسلام كان من تيار علماني او مدني وأن الكثير من المشاكل جاءت من صفوف التيارات الاسلامية .

 

فطلعت حرب هو أول من قرر بناء رأسمالية وطنية تمثل حائط صد أمام توغل الاستعمار وتدعم مشروعات وطنية تنهض بالبلاد .. و السنهوري باشا هو من وضع نص مبادئ الفقه الاسلامي في القانون المدني , ودستور 23 - الليبرالي - هو الذي نص على دين الدولة الاسلام .. وعبد الناصر هو الذي ألغى البغاء .

 

ولمن لا يعلم فممارسة البغاء كانت أمرا مشروعا يستوجب استخراج ترخيص والكشف الصحي ودفع الضرائب .

 

والسادات هو الذي ادخل نص مبادئ الشريعة الاسلامية في دستور 71 وهو من قام بتعديل 80 , وبعدها أوصت المحكمة الدستورية العليا بتغيير 40 مادة في القانون لتتسق مع النص الدستوري .. وكل هذه اشياء من قبل اشخاص غير منتمين للتيار الاسلامي بل قد يتهموا أنهم معادين له .

 

بينما التيار الاسلامي هو المتسبب في أزمة التكفير وجاهلية المجتمع وقتل المصريين والاجانب والخروج المسلح منذ عهد التنظيم الخاص والى ما يحدث في جبل الحلال بسيناء الآن .

 

وعلى الارض لم أجد مشروعا حقيقيا تم تنفيذه من القوى الاسلامية سوى سوبر ماركت الاخ خيرت الشاطر , وأن السلفيين يوزعون أوراقا تنص أن الحلف بالنبي شرك بالله .. بينما زرت معهد الكلى في المنصورة لصاحبه الدكتور غنيم وعرفت أنه افضل وحدة كلى في المنطقة وتقدم خدمات شبه مجانية , وأن صاحبها رجل – نظريا – يقف ضد الاسلاميين .. ولكن اسمه محمد , ويساعد المرضى .

 

*

سوزان مبارك , تلك العجوز الشمطاء , قدمت لمصر واحدا من اهم المشاريع الثقافية متمثلا في مكتبة الاسرة , التي سمحت للرجل العادي ان يشتري كتابا مهما بجنيهات قليلة , ولكن بعد الثورة كان أول انجاز ثقافي هو منع ومصادرة كتاب الف ليلة وليلة . لاحتوائه على كلام مخل !!

 

اذن قوموا بإلغاء سورة يوسف من القرآن التي تتحدث عن امرأة العزيز التي تراود فتاها , اليس هذا مشهد جنسي بحت ؟؟ والغوا آيات نبي الله لوط الى قومه .. ايضا كشف بلقيس عن ساقها حينما دخلت السرح الممرد عند سليمان .

 

والإلغاء سيطول العهد القديم ومزامير داوود ..

 

هوس جنسي ينم عن شخصيات سيكوباتية تحتاج الى علاج .. إنهم يسقطون تشوهاتهم النفسية على الدين والمجتمع .

 

لا تعودوا بنا الى الخلف أرجوكم .