محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الجمعة، 27 سبتمبر 2013

ألمانيا هي الحل


من المهم أن نقرأ نتيجة الانتخابات البرلمانية (البوندستاغ) في ألمانيا لأنها تبين التوجه العام عالميا كيف يسير، خاصة في منطقة اليورو ذات الوزن الاقتصادي والعسكري الكبيرين.

تلاحظ أن الحزب الديمقراطي الاشتراكي، حزب المعارضة، حصل على 25% . وهي نسبة تمكنه من معارضة صلبة وقوية. و اليسار واليسار المتشدد حصدا 17% .. وحزب ميركل الحزب "الديمقراطي المسيحي" (يمين محافظ) حزب الاغ...
لبية بنتيجة 42% وهذا ما لم يمكنه منفراد من تشكيل الحكومة. خاصة بعد فشل حليفه "الليبرالي الحر" في الحصول على أي نسبة.

يبدو أن الليبرالية العالمية تتراجع بشكل ملحوظ.. وأن التوجهات المحافظة دينيا أو الاشتراكية صارت متقدمة.

ثورة العمال والطلبة في فرنسا عام 1968 والتي اجتاحت أوروبا هدفها الأول مقاومة سطوة رأس المال وتحسين ظروف العمل وإيقاف التوغل الرأسمالي المتوحش في الظلم الطبقي والافقار وتحقيق مكاسب على جثث العمال. وذلك ما أنتج تيارات اشتراكية قوية حسنت من ظروف العمل وخففت من غلواء الرأسمالية.

وجهة نظري أن نصوص الاسلام وتراثه - بعد التنقية وإعادة القراءة بشكل حداثي يتحرر من سلطان السلف وعبودية التاريخ - يحوي نموذجا صلبا عميقا قادرا على تشكيل وجهة نظر كاملة للمشاركة - مع غيره - في تحسين المجتمع ثقافيا واقتصاديا واخلاقيا. بالإضافة إلى دور العلم والفن والحريات كعامل موازي للدين يسير معه دون تقاطع أو وصاية.

ورغم أني ضد إقامة حزب على أساس ديني، أو الزج بالدين في صراع سياسي ساذج، أو التعبئة العاطفية لخداع العوام. إلا أنه لا بأس من إقامة حزب يستلهم مقاصد إسلامية ضمن نصوصه وبنوده. على أن يلتزم بالحفاظ على الدستور دون العبث به والحفاظ على الثقافة "المصرية" التي اعتصرت الكثير من الحضارات شرقا وغربا.

كان أمام الإخوان فرصة ذهبية لإقامة حزب مثل الديمقراطي المسيحي، يحترم الدولة ولا يسعى للهيمنة والارهاب الفكري وتغيير معالم مصر ثقافيا. لكنهم لم يستطيعوا التخلص من أدبيات أستاذية العالم والخلافة المزعومة والتمكين في الارض.

قراءة خريطة العالم تقول أن هناك نموذجان من الدولة يتراجع ويتحلل ويصير جزءا من التاريخ السحيق.. وهما الدولة الدينية (12 دولة) والدولة المعادية للأديان(5 دول).. بينما القطاع الواسع من الدول والذي يتجاوز 180 دولة هما صنفان آخران، دولة علمانية (120دولة) أو دولة ذات دين رسمي (60 دولة). وهما النموذجان الوسطيان بين دولة كهنوتية ودولة تطارد الدين.

هناك دول علمانية تجد فيها مظاهر دينية راسخة مثال امريكا.. والتي يقسم فيها الرئيس ويده موضوعة على الانجيل ككتاب سماوي.. وينهي القسم بـ : ليبارك الرب أمريكا. كما تجد في الاحصاءات أن قرابة 90% من الامريكان مؤمن بوجود الله. وأن 85% منهم ينتمي لدين.

كما أن أكبر دولتين تحققان معدلات تنمية بشرية، آيسلندا والنرويج، هما دول ذات دين رسمي. (الكنيسة اللوثرية). ما يظهر أن التنوير الديني الذي قام به مارتن لوثر في الكنيسة البروتستانتية في القرن السادس عشر كان له أثر كبير في أعماق أوروبا.

يقول برنارد لويس في كتابه The political language of Islam أن الصراع بين الدين والدولة - في الأساس - داء مسيحي. لذلك كانت العلمانية دواء مسيحي أيضا. وهو ما لا ينطبق بشكل كامل مع الإسلام. ففي المسيحية الله هو شريك قيصر الصغير. بينما في الإسلام الله هو القيصر. وبذلك نشأ الصراع في المسيحية بين الله وقيصر - الدولة والكنيسة - ما استلزم فض هذا الاشتباك باستبعاد الدين كليا.

أما في الإسلام ظهر خطاب مختلف - الحاكمية لله - وهو لا يستلزم الفصل بين الله والحكم الزمني على قدر ما يتطلب الفصل بين خطاب الله المقدس وتفاسير البشر الزمنية لهذا الخطاب.. أو إعادة تفسير خطاب الله باسقاطات وفهوم بشرية قابلة للاختلاف والتأويل.

لذلك فالاسلام لا يحتاج الى استبعاد على قدر ما يحتاج إلى إعادة استكشاف.

مرة ثانية.. هل من مارتن لوثر مسلم يعيد الأمر إلى نصابه..؟
 


للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

البروفايل الشخصي

https://www.facebook.com/M.ELDWEK


 


الصفحة الرسمية

 
 

https://www.facebook.com/M.ELDWIK

 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق