راكن أمام البيت بالسيارة، عدى توك توك مشغل أم كلثوم. اندهشت، تابعته، وقف أمام بيت جارنا ونزلت الست، سائق التوك توك نزل يشيل الشنطة عنها ويضعها أمام باب البيت. بتديله الأجرة قالها شكرا يا حاجة كتر خيرك.. وغادر في هدوء.
الولد محدد دقنه على طريقة فيفتي سينت، ولابس انسيال وشكله سرسجي. بس ذوق جدا. وتحسه شهم ويعتم...د عليه. ومتخفش منه وتأتمنه على أهلك. نوع الفن اللي بيسمعه دليل كبير على سلوكه.
افتكرت كلام العرب قديما قبل الإسلام:
ونشربُ إن وردنا الماء صفوًا .. ويشربُ دوننا كدرًا وطينا
إحنا بس نشرب ماء صافي، ثم نعكر المياة عشان اللي بعدنا يشربه طين على دماغ أهله.. بعد الإسلام اقتنع العربي إنه لازم يحافظ على الماء النقي له ولغيره. بل يوفر من حصته ليعطي من يحتاج.. في ظل مجتمع لم يشهد مفهوم الدولة المركزية أو السلطة القهرية ما يجبره على التزام القانون أو احترام حقوق الآخرين. وهنا كان أثر الإسلام على تعاملهم ما جعله التزام شخصي يردع سفالات النفوس من ظلم وأنانية، دون الخوف من بطش الحاكم أو سلطان القانون.
نزل موسى بالرسالة فكان عنوانها الرئيسي: "اذهب إلى فرعون إنه طغى".. لأن الله يعرف أن طغيان الحاكم في الدول المركزية الكبرى هو أصل الفساد.. وأن المصريين منذ النشأة وهم على دين ملوكهم.
وعيسى بن مريم جاء إلى بني إسرائيل بعنوان رئيسي: "ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم".. حيث مالت تشريعاتهم إلى الغلظة والتشدد والنفور. أيضا بكلام رقيق يهذب قسوة نفوسهم، مثال: أحبوا أعداءكم. باركوا لاعينكم. وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم.. يعلمهم مواجهة الشر الخالص بالخير الخالص.
وجاء في انجيل لوقا: إذا أحسنتم إلى الذي يحسنون إليكم فأي فضل لكم؟ فإن الخطاة أيضا يفعلون هكذا.."
ومحمد عليه الصلاة والسلام، جمع ذلك في قوله: أهل الجنة ثلاثة.. ذو سلطان مقسط. و رجل رقيق رفيق بكل ذي رحم ومسلم. وعفيف ذو عيال.
القسط.. العدل كقيمة أولى تحكم البلاد.. والمجتمع صنفان.. غني رقيق وفقير متعفف.. وصف الله الرجل هنا "بالرقة". تخيل. وسط بيئة قاسية ضاربة في البداوة. فكانت الرقة والرفق هما مبتغى الإسلام في الرجل حتى يكون تقيا. فالمجتمعات المتحضرة تقترب من روح الإسلام دون متاجرة بشعاراته.. وذو العيال ،الفقير، الذي يتعفف السؤال. ويتعفف التطاول بالحرام. لا يسرق أو يغش. ولا يملأ قلبه الكراهية والضغينة.
للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك
البروفايل الشخصي
الصفحة الرسمية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق