ثورة ماو سي تونج في الصين في الخمسينات، هي التي أتت بهذا التحول العظيم في الاقتصاد.. ولكن لكل تقدم يحرزه الإنسان تبعة ضخمة من الخسائر.. قال ماو، لو لم يكف الطعام إلا نصف الشعب. إذن ليمت النصف الآخر..
هكذا بكل قسوة.
كانت الصين تمر بمجاعة كبرى.. حتى أنهم أكلوا الطين وأوراق الشجر.. ونتيجة ذلك كان يموت كل عام 10 ملايين شخص.. نعم الرقم دقيق 10 ملايين يموتون فقط من الج...وع. حرفيا وليس مجازا.
إحدى النساء قالت لأطفالها بعد أن أموت لا تخجلوا أن تأكلوا ما تبقى مني.. يجب أن تستمروا أحياء لأيام إضافية.. لن تجدوا من لحمي شيء، قد صرت جلدا ممصوصا. لن تجدي سوى قلبي.. كلوه (!)
الصين شيوعية، صنفت منذ فترة أنها دولة معادية للدين.. ليست علمانية أو محايدة بل معادية.. لذلك فالحضارات التي تنمو بعيدا عن الدين تحصد هذه القسوة. القلب الذي يخلو من قيم التراحم والتكافل والعطف.
في الإسلام لو لم يكفي الطعام إلا واحدا، ليقتسمه مع أخيه. وليس منا من بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم. وأسقط عمر بن الخطاب عقوبة السرقة عام المجاعة. ولما رأى يهوديا يتكفف الناس من الفقر أمر له بعطاء ثابت من بيت المال "معاش" رغم أنه لا ينتمي عقائديا لدين الدولة الرسمي.
والرسول في أول خطبة له في المدينة حث على فعل الخير ولو بشق تمرة.. ليس هناك حائل بينك وبين مراعاة ظروف غيرك حتى لو لم تملك سوى تمرة تقسمها نصفين، لك ولجارك.
الدين هو روح الحضارة، وعقل الإنسان وأدواته هو ذراعها.. ولا حياة بلا روح وبلا أطراف. وهذا هو موقع الدين من الحياة. وكما قال باسكال، الفيلسوف الفرنسي، أن لقمة العيش وحدها لا تكفي.. فالانسان يطلب إلى جوارها احتياج روحي عبادي يفارق الماديات. ويحتاج الى الحنان.
لماذا الدين..؟ لأن حضارة الإنسان الخشنة تحتاج إلى ما يدخل فيها رحمة السماء.
قال الله عن الرسول (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فأسلوب القصر والاستثناء يختصر الشريعة في كلمة واحدة: الرحمة.
للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق