محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الأربعاء، 10 يوليو 2013

الحرس الجمهوري والإخوان والثورة


نتكلم بالعقل..

أمام الحرس الجمهوري، الرواية الرسمية تقول أنه حدث هجوم من عناصر الإخوان فقام الجيش بالتعامل مع الهجوم ومنع المهاجمين من اقتحام دار الحرس.

لو افترضنا صحة الرواية.. فهناك ضابط قد قتل. ومجند أمن مركزي. إذن كان هناك سلاح في أيدي المهاجمين. فرد الجيش بسلاحه فكانت معركة غير متكافئة مات فيها 50 من المهاجمين.

مرة أخرى على فرض صحة رواية الجيش.. ما هو التعامل الأمثل مع مهاجمين قتلوا ضابطا في القوات المسلحة أمام منشأة عسكرية؟!

وجهة نظري الشخصية أن الرواية صحيحة، يدعمها بعض الفيديوهات التي سجلتها كاميرات الطائرات.. ووجهة نظري أيضا أنه تم استخدام مفرط للقوة من جانب الجيش يجب محاسبته.

يدلل على صحة الرواية، أن الجيش يحاول إقناع الصحافة العالمية أن ما حدث هو استجابة لرغبة شعبية جارفة عبرت عنها تظاهرات ضخمة تجاوزت 20 مليون متظاهر في الشارع، يدعمها طلبات من المثقفين و الثوريين، ووقف إلى جوارها مؤسسات مثل القضاء والأزهر والكنيسة، فكان لزاما على الجيش التدخل لحسم الموقف وإجبار الرئيس على الاستماع لطلبات كل هؤلاء ووضع نهاية لهذه الأزمة في انتخابات رئاسية مبكرة.

وهذا مطلب دستوري عادل عبرت عنه المادة 150 من دستور الإخوان بأنه لرئيس الجمهورية الحق في طرح ثقته لاستكمال مدة رئاسته على الاستفتاء وإجراء انتخابات مبكرة..

أيضا لو تم انتخاب رئيس لمدة رئاسية معينة وأثناء توليه صدرت منه تصرفات تخرق المتعارف عليه في الممارسات الديمقراطية السليمة فمن الممكن استبعاده وعدم اكمال مدته.

*
حدث ذلك في أمريكا أكثر من مرة.. مع ريتشارد نيكسون عندما تنصت على منافسيه في الحزب الديمقراطي لمعرفة خريطتهم الانتخابية في بناية ووتر جيت. وعندما اكتشف الصحفي الأشهر بوب ودوورد تلك الفضيحة ووصلت للقضاء تم مباشرة دعوة قضائية لعزل الرئيس وعدم اكمال مدته.

ذات الأمر كاد أن يحدث مع الرئيس بيل كلينتون.. كلينتون أحدث طفرة اقتصادية هائلة تمثل نقلة ملحوظة في تاريخ أمريكا الحديث.. ولكن هذا لم يعفيه من المساءلة عندما ضبطوا معه داخل المكتب البيضاوي قطعة من الملابس الداخلية لمتدربة شابة اسمها مونيكا لوينسكي.. وعندما خضع للتحقيق أنكر. ثم ثبتت علاقته بها.. فتمت مباشرة دعوى قضائية ضده لعزله من منصب الرئيس.. لأنه كذب على شعب أمريكا وأنكر علاقته بالفتاة.

ليست مشكلتهم أن له علاقات عابثة مع موظفات حسناوات.. مشكلتهم تكمن في أنه كذب عليهم.. وهنا وجب عزله من منصبه.. يا إلاهي.. لو طبقنا ذات المنطق مع المعزول لعزلناه هو و جماعته كلها..

ولكن كلينتون جاهر بخطأه وأبدى ندمه وأعلن اعتذاره.. فسامحوه.

وكذلك الأمر مع شارل ديجول، مؤسس الجمهورية الخامسة في فرنسا.. عندما خرجت مظاهرات قوية غاضبة ضد السياسات الاقتصادية العامة فيما سميت مظاهرة العمال والطلبة، عام 1968، والتي طالبت بقدر أكبر من العدالة والانصاف وشروط أفضل للعمال وأجور مرتفعة وساعات عمل أقل. ومناهضة الفكر الرأسمالي المتوحش.. استجاب ديجول ووضع خطة إصلاح وطرحها للاستفتاء العام ولما لم يحصد أغلبية استقال من منصبه ولم يكمل مدته..

وهو الرجل الأسطورة الذي خاض الحرب العالمية الثانية لتحرير بلده من الاحتلال.

*
دعونا نكمل عن رغبة الجيش في تصدير صورة للرأي العام العالمي أنه تحرك ليستجيب لتحرك سلمي غاضب وكاسح لملايين الرافضين لحكم محمد مرسي ووضع خارطة طريق تضمن حقن الدماء.

لذلك أسرع الجيش بتولية رئيس المحكمة الدستورية العليا لمقاليد الأمر كخطوة أولى للتأكيد على عدم عسكرة الحدث.. ثم تفويضه لاختيار وزارة جديدة محايدة ووضع خطة متكاملة لفترة انتقالية قصيرة يتم فيها انتخابات برلمانية ورئاسية وتعديل الدستور.. ودعا كل الاطراف للتحاور.. منها حزب النور السلفي.. وحزب الحرية والعدالة عن الاخوان.. وشباب الثورة وبعض الرموز السياسية.

وترك قيادات الإخوان خارج الاعتقال لعدة أيام.. حتى رأينا المرشد بديع وعصام العريان والبلتاجي وغيرهم يقفون على منصة رابعة العدوية يصولون ويجولون. ولم يعتقلهم الجيش لهذا السبب.. كي لا تنقل الصحافة الدولية خبر اعتقالهم فيكون ذلك بادرة سوء نية من الجيش للإطاحة بجماعة الإخوان وإيداعهم السجون فيكون انقلابا قضى على نظام واستبدله بنظام آخر..

ولم يتحرك لاعتقال بعضهم إلى تحت ضغط وإلحاح جماهيري أن هؤلاء يثيرون الفتن ويحرضون على القتل ويرفضون الحوار.

تخيلوا المدنيين هم من يلومون الجيش على عدم اعتقاله لهم وعدم التدخل الفوري والحاسم ضدهم.

المكتب الاعلامي للجيش يرصد التحرك الدولي ويعرف قيمة الأخبار المتداولة ويضحي ببعض الخطوات من أجل مكسب أكبر. وأن يفوت الفرصة على الآخرين لإيجاد ذريعة لوصم ما حدث أنه تحرك عسكري قمعي للانتصار لطرف ضد طرف.

فالجيش يريد أن يؤكد أنه على الحياد، وليعود الجميع إلى التفاوض والمشاركة في صنع مصير وطن واحد. ويبدو هذا جليا من استحضار حزب النور، وهو حزب يميني أكثر تطرفا من الإخوان، إلى مشهد صناعة القرار، بل والاستجابة لبعض طلباته المتعنتة في تشكيل الحكومة وهو ما أثار استياء بعض النشطاء، ولكن صانع القرار يريد التأكيد داخليا ودوليا أنه يضع يده في يد الجميع.

نعم الجيش يريد تجنب كل الشبهات التي تجعله يبدو انقلابيا.. وهذا يدعم لدي أن تحركه ضد المهاجمين أمام الحرس الجمهوري كان رد فعل مضاد وليس فعل أصيل ابتدائي.

مع التأكيد أنه رد فعل عنيف ما كان يجب أن يصل لهذا الحد من الخسائر.

*
إلى جانب ذلك يجب أن نتذكر جيدا حقائق أخرى..

أن الإخوان المسلمين أطلقوا الرصاص على 10 متظاهرين أمام مكتب الإرشاد بالمقطم وقتلوهم بدم باردة ساعة الفجر أيضا ثم فر الجناة دون عقاب.. وكان مبررهم أنهم يدافعون عن مقرهم.

بنفس المنطق فمن حق الجيش أيضا الدفاع عن مقراته العسكرية التي تمثل خطورة وأهمية أكبر بكثير من مكتبهم المزعوم.

وهذا العدد من القتلى أمام مكتب الإرشاد يؤكد على أن الإخوان لديهم أسلحة في يد بعض عناصرهم واستخدموها لقتل الناس.

أيضا تم القبض على بعض حرس خيرت الشاطر ولديهم أسلحة نارية.

وتم ضبط شقة في البساتين لخلايا دينية تقوم بإعداد متفجرات بدائية الصنع.

وتم القبض على خلايا جهادية متحركة في الاسكندرية لديها سلاح جاهز لأن يتوجه لصدور الناس الخارجة عن "شريعة" الرئيس.

وكانت هناك محاولة للهجوم على متظاهري التحرير عبر كوبري 6 أكتوبر وميدان عبد المنعم رياض من قبل الإخوان أسفرت عن قتلى..

والنشطاء عبر تويتر هاجوا وماجوا وسبوا ولعنوا تقصير الجيش عن مواجهة المهاجمين.. نحن من اتهمنا الجيش بالتراخي وطالبناه بالتدخل الحازم لصد هؤلاء. والجيش هو الذي كان يحاول ضبط النفس لعدم التدخل المسلح ضدهم.

وتظاهرات الإخوان هي التي أدت إلى مقتل عشرات في الأسكندرية والمنصورة والشرقية وأسيوط وغيرها.

وكلنا شاهد الفيديو الشهير بإلقاء الصبية من فوق الأسطح على يد مناصرين لجماعة الإخوان.

وكلنا شاهد الفيديو الشهير لمحمد البلتاجي الذي يقول صراحة أن هجمات سيناء ستتوقف بعودة محمد مرسي.. هذا اعتراف خطير ومخيف على أن الاخوان على تنسيق كامل مع الجماعات الدينية المتطرفة المسلحة في سيناء وأنه يقف وراء الهجوم على وحدات الجيش والشرطة هناك.

هل الإخوان وصل بها الحال أن تتحالف مع الإرهاب ضد الدولة.. لو أن هذا صحيح فتدخل الجيش المسلح ضدهم أمر عادي. بل ضروري.

في يوم واحد في سيناء تمت مهاجمة عشر نقاط تابعة للجيش والشرطة واسفرت عن مقتل مجندين.. هؤلاء المجندين شباب مصريين بسطاء يقضون فترة التجنيد الإجباري ولا ذنب لهم سوى أنهم وقعوا في مرمى قصف جماعات مسلحة.

نحن نزلنا يوم 30 يونيو وايام أخرى تالية في تظاهرات مليونية مثلت أكبر الحشود التي عرفتها مصر ولم يجرح أحدهم.. لم يحدث أشتباك أو تخريب أو اعتداء على أي أحد.. بل المتحدث باسم الشرطة قال أن بعض هذه الايام لم يسجل حالة سرقة واحدة.

وعندما نزل الإخوان في مظاهرات مضادة تسببت تظاهراتهم في مقتل 56 وإصابة الألاف.. وفي كل مرة يهددونا بحرب أهلية وبحور دم.

وها هم آخرا يطالبون بقوات دولية وتدخل عسكري خارجي على شاكلة العراق وليبيا.

فهل هؤلاء إخوان في الوطن يرجون الخير له ويعلون مصلحته على مصلحة طائفية تتجرد من أهواء شخصية.. هل هؤلاء مسلمون لديهم الحد الأدنى من قيم الإسلام الذي يحض على حقن الدم وتهذيب النفس من الطمع والسلطوية والأنانية؟!

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك
البروفايل الشخصي


https://www.facebook.com/M.ELDWEK

 

الصفحة الرسمية

https://www.facebook.com/M.ELDWIK

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق