محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الأربعاء، 31 يوليو 2013

الإنكار مفيد أحيانا



علم النفس يعرف حالة شهيرة تسمى denial case حالة إنكار، يلجأ لها الشخص لتكذيب كارثة كبيرة حدثت له لا يستطيع عقله أن يستوعبها، لأنه لو تخيل إمكان حدوثها فقد تتغير كل ثوابته في الحياة.. قد يبدل دينه وأفكاره وانتماءاته. بل قد يقدم على الانتحار. وهذا ما يحدث لدى شريحة عريضة من المنتمين والمحبين للإخوان. وبعض السلفيين.

 
أعرف أن الأمر يصعب تصوره.. وأنه كي تحافظ على اتزانك النفسي يجب أن تنكر كل الحقائق.. أعلم أنك لو صدقت أن هؤلاء الذين تثق في تدينهم واخلاصهم، مجرد حثالة متاجرون بكل القيم، فهذا قد يحدث ارتباك كبير في حياتك ومثلك.
تماما مثل الفتاة التي يخبروها أن خطيبها الذي تحبه وتخلص له، يقبل اختها .. هذه لحظة يجب أن تنكرها .. يجب أن تمسحها من ذاكرتها .. فقط كي لا تصاب بالجنون.

جاء الرسول محمد يدعوهم إلى التوحيد والمساواة بين البشر.. لم يتخيلوا يوما أن الآلهة تصير إلاها واحدا، إن هذا لشيء عجاب.. ولم يقبلوا أن أسياد بني أمية يتساوون في الحساب والعقاب مع بلال العبد الحبشي.. فكان ولا بد من حالة إنكار.. وهم.. أنت ساحر أو شاعر أو مجنون.

لذلك قال أمير الشعراء في الهمزية النبوية:

أبو الخروج إليك من أوهامهم ... والناس في أوهامهم سجناء.


* عندما تكون ملكيا أكثر من الملك..


1-الاخوان لم تنف تهمة قتل 10 مصريين أمام مكتب الارشاد بأسلحة آلية، ثم هروبهم في أتوبيس تحت غطاء وابل من الرصاص.. وحجتهم أنهم يدافعون عن مقراتهم.. لكن أحد "المحبين" يقول لم يقتلوا، من كان بداخل مكتب الإرشاد عناصر أمن الدولة متخفي (!)

في حين أن ذلك تم أثناء رئاسة الدكتور مرسي، وسيطرته على الداخلية وعلى أمن الدولة تحديدا، حيث تم اكتشاف تورط مساعد وزير الداخلية في تسريب معلومات أمنية للسيد خيرت الشاطر.. مشكلة التسريب أن السيد خيرت لا يحوز أي صفة رسمية في الدولة.. ايضا تلك المعلومات تصير مشاعا على التنظيم الدولي الذي لا يتوقف عند حدود الدولة.. فيما يمثل قضية تجسس واضحة المعالم.

2- الاخوان لم ينفوا قتلهم لمواطنين في نهضة مصر، والجيزة، والتحرير، والمنيل.. ومبررهم أنهم يدافعون عن أنفسهم.. لكن تجد أحد المحبين يقول لم يحدث.


3- الاخوان تعلن بشكل مباشر عبر البلتاجي أن العمليات الارهابية في سيناء تتوقف بمجرد عودة الدكتور مرسي.. بينما المحبين يتنكرون، على شاكلة اعلان اتصالات الشهير، متقولش على نفسك كدة انت حد جميل.



4- الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، عضو مكتب الارشاد والقيادي السابق، وعضو الجماعة الحالي، يصرح في اجتماع حزبه ببني سويف أن جماعة "التكفير والهجرة" كانت تحكم مصر في عهد الدكتور مرسي، والبعض لا زال يعيش في حالة Denial case


5- محمد الظواهري، العائد من أفغانستان، يتم ضبطه وتوقيفه قبيل 30 يونيو بأيام، من قبل مديرية أمن شمال سيناء، وتصدر أوامر "سيادية" بإطلاق سراح الرجل لأنه مكلف بمهمة ما (!)
حالة الانكار مستمرة.


6- تفجير بأحد أقسام الشرطة بالمنصورة، ثم يقولون ألاعيب أمن دولة.. رغم أن التفجير تم على بعد أمتار من مكتب أمن الدولة داخل القسم مما يهدد حياة الضباط أنفسهم.



7- شهادة شاب اخواني مشارك في مسيرة الإخوان بالمنصورة، وتنشر الشهادة صفحة سلفية، أن المسيرة تعمدت المرور عبر شارع معروف مسبقا أنه غير آمن، وأن هناك شحن ضدهم، وأن هتافهم بعودة مرسي يؤدي إلى حدوث اشتباك دموي.. ثم يصرون على العبور مع العلم يقينا بعواقب الأمر. بل باحتمال حدوث قتلى.. ويدفعون بقواعدهم للموت من أجل تسجيل بعض النقاط الاعلامية.


8- نهى محمد، عضو حزب الدستور، تعيش في القاهرة، ثم قررت للذهاب لقضاء عطلة مصيف في الاسكندرية منذ بضعة شهور، ومن أجل حظها العاثر كان على سيارتها ملصق لتمرد.. وعبرت خلال حشد اخواني.. فقام هؤلاء "المسلمون" بانزالها من السيارة وتجريدها من ملابسها وطعنها أكثر من 100 طعنة أردتها قتيلة.. ولم نسمع مناحة من أحد. ولا يصير قتل النساء حدثا كبيرا إلا لو كان من الجنس الإخواني..

 

تصرف كهذا يجب التوقف أمامه كثيرا حول نفسية الإخوان التي تربوا عليها لعقود ونظرتهم للمخالف لهم سياسيا، ومدى استباحة كل المحرمات من أجل نصرة الجماعة.. يبرر ذلك تلك اللهجة العدوانية التي يردون بها على مقالاتنا المنتقدة لهم.. مليئة بالسباب والانحطاط وتخلو من أي قيم الدين أو الحضارة أو المواطنة.. ثم يظنون أنهم ينتصرون للإسلام.


الله قال لموسى حين الحديث مع فرعون المتأله، "قولا له قولا لينا"
ومع أهل الكتاب، "لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" .. لم يقل الحسنى، بل الأحسن.
فما بالك بأخيك المسلم.. المصري. (!)


9- مات ضابط أمام نادي الحرس الجمهوري.. ومات 50 اخواني.. الضابط مات برصاص حي في الرأس.. السؤال الأهم هل الاخوان تملك ذخيرة حية قادرة على التصويب على رأس ضابط ؟ كيف يتعامل جنود أمام موقف كهذا؟ ولو ثبت ذلك فرد فعل الجيش لا شائبة عليه..
ولو ثبت ذلك فيجب تصنيف الإخوان كجماعة مسلحة خارجة عن القانون..


*
البعض لا زال يعيش خطاب المقاومة القديم، ويظن أن ثمة مؤامرة دولية لإسقاط الإخوان، ولا يعلم أن العلاقات الاخوانية الامريكية تشهد ازدهارا كبيرا.


1- الدكتور سعد الدين ابراهيم استاذ علم الاجتماع السياسي له شهادة مهمة.. الرجل هو الأقرب لدوائر صناعة القرار الامريكي بطبيعة العمل والتوجهات والعلاقات.. عندما كان في السجن عام 2007 لجأ إليه قيادات الاخوان مثل الدكتور مرسي وعصام العريان كي يكون همزة وصل بينهم وبين الادارة الامريكية، وبالفعل قام الدكتور بتنسيق لقاءات مشتركة بين الفريقين، حضرها رجال من البيت الابيض والكونجرس الامريكي..
وكان كلام الاخوان يدور حول أنهم يستطيعون أن يكونوا البديل لنظام مبارك حال حدوث أي تغيرات في المنطقة.. وأنهم يضمنون بقاء "الاستقرار" كما هو الحال عليه دون الإضرار أو تغيير الأوضاع الامريكية الحالية.. ويقدمون تطمينات حول العلاقة باسرائيل وشكل الاقتصاد وحقوق المرور البحري والجوي.. بل مستعدون لتقديم تنازلات أكبر من ادارة مبارك.


2- بعد أن تولى جون كيري وزارة الخارجية الامريكية قام بزيارة مهمة إلى مصر، التقى فيها الجهات الرسمية والحزبية، يحكي الدكتور جلال أمين أنه تم اختياره لتمثيل حزب الدستور في الاجتماع، ودهش عندما وجد جون كيري يدعم صعود الاخوان إلى سدة الحكم بل ويتعاطف مع تجربتهم التاريخية الممتدة..
طبعا لم تكن الزيارة الأولى والأخيرة حيث سبقها زيارة السيناتور جون ماكين لمكتب السيد خيرت الشاطر، وتلتها زيارات متكررة ومتبادلة بين السفيرة الأمريكية وبين اعضاء وقيادات مكتب الإرشاد.
طبعا سعد الدين ابراهيم وجلال أمين متآمرون خونة . كذابون . قياداتك على صواب دوما.



3- الفيديو الأخير المسرب لاجتماع مكتب الارشاد، والذي كان يتحدث فيه الدكتور مرسي وإلى جواره المرشد العام للإخوان، يقول فيه صراحة أن هناك حالة "ارتياح" دولي لصعود الإخوان إلى الحكم.. وأنهم يلتقون بمبعوث الخارجية الامريكية وليام بيرنز وحديث مشترك في الاقتصاد.. واسرائيل.
شهادة مباشرة وواضحة، لكن حالة الانكار تجعلك تسمع صوت أوهامك.. لأن هذا يخالف الخطاب الحنجوري الذي اقنعوك به أنهم ضد الامبريالية الدولية، وأننا نقاوم امريكا الطاغوت الاعظم.


4- كل يافطات رابعة العدوية تم تغييرها إلى اللغة الانجليزية ورفع شعارات ساذجة تخاطب الغرب، وكأن الاعتصام موجه للخارج. حتى أني رأيت سلفيا يرفع ببلاهة قطعة ورق مكتوب عليها: secular with morsy في إشارة ساذجة أن العلمانية مع مرسي، في حين أن وجهه ليس علمانيا أبدا ! اضف لذلك تدوينات جهاد الحداد، وتصريحات عصام الحداد بالاستغاثة بالخارج والتدخل الدولي. والتظاهر أمام السفارة الأمريكية.


5- تدخل الدكتور مرسي لعقد هدنة بين حماس واسرائيل في نوفمبر 2012، على إثر هجوم شرس تم على غزة.. وهذا ما تطمع له اسرائيل.. تأمين الحدود الغربية. وأن يسعى الجميع لترك السلاح والجلوس لعقد هدنة سلام. تطول حتى تصير هي الأمر المعتاد. وليذهب خطاب المقاومة إلى الجحيم. صارت الحدود الشرقية مؤمنة مع الاردن باتفاق وادي عربة.. والغربية تحميها حماس – مرسي.. وحزب الله على وشك الانتحار، وسوريا مشغولة بالحرب بين بشار / الجيش الحر .. ثم الجيش الحر / تنظيم القاعدة.
وفي الاتفاقية تم النص على تجريم الاعمال "الارهابية" التي تتم من جانب حماس (!) بل عندما خرقت بعض التنظيمات المسلحة المتطرفة في غزة اتفاق الهدنة، بادرت حماس بقصف الإخوة لحماية أمن اسرائيل.
أعرف أن الأمر قاس عليك أخي الملتزم بأوامر قياداتك.. أعرف أنه أصعب مما تتخيله.. أعرف أن الانكار سهل. مريح. وأن المواجهة بالحقائق مؤلمة.


6- أما عن الدكتور مرسي الذي سينتصر للإسلام فأحب أن أذكر أنه زار الصين وجلس مع القيادات، دون أن تصدر منه كلمة شجب واحدة للظلم والاضطهاد الذي يمارس ضد مسلمي إقليم سينغ يانغ، الذين يبلغ عددهم 100 مليون مسلم، يعيشون اعلى درجات القهر والإذلال.
كما أنه زار روسيا، وقعد مع بوتين دون أن يناصر قضية إخوانه في الشيشان.. ولا تنس أنه بمجرد انتهاء مدة السفير المصري القديم بادر بإرسال سفيرا جديدا إلى تل أبيب يحمل في يده خطابا حميميا "بروتوكوليا" سمه ما شئت. إلى الصديق شيمون بيريز. لم نر فيه كلمة شجب واحدة لبناء المستوطنات أو تهويد القدس.. في حين أن الاتحاد الاوروبي الذي لا علاقة له بالعروبة ولا بالإسلام، جمد بعض الانشطة الاقتصادية على المستوطنات الاسرائيلية للضغط عليها للحد من الاستيطان.


في النهاية هل لازلت تصدق اخي الملتزم أن القيادات الحنجورية تدافع عن مصر أو تدافع عن الإسلام أو تدافع عن أي حق..؟ أما أنها تستغل انسياقك وسذاجتك كي يلعبوا بك. ويكونوا وحدهم هم الكاسبون.


ننهي بشعر شوقي:
أبو الخروج إليك من أوهامهم ... والناس في أوهامهم سجناء.

 


للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك


البروفايل الشخصي

 

https://www.facebook.com/M.ELDWEK

 

الصفحة الرسمية

https://www.facebook.com/M.ELDWIK

 


 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق