محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

السبت، 29 يونيو 2013

ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب


(ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب)

الآية 123 سورة النساء..
تعرفين أن المدينة كانت تحوي بعض اليهود، وقليل من النصارى والكثير من المسلمين.. جلس جماعة منهم كل يتباهى بعقيدته، قالت اليهود والنصارى لن يدخل الجنة غيرنا.. فتفاخر المسلمون عليهم وقالوا لن يدخل الجنة غيرنا.. وقال هؤلاء نحن أفضل منكم ورد هؤلاء نحن أفضل منكم..

كما يروي ابن جرير عن مسروق، وروى نحوه عن ابن قتادة والضحاك، وأخرجه ابن ابي حاتم عن ابن عباس..

كان من البديهي يا عزيزتي أن ينزل القرآن ينتصر لرجاله وتابعيه المسلمين المؤمنين به.. لكن الآية كانت صادمة للجميع.. حادة وصارمة ورادعة لكل المزايدين المتبجحين.. وصفعة على وجوههم حتى لا يظن أحد أنه وحده من ينجو.

فقال الله.. (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب)

دخول الجنة ليس بأمنيتنا يا صغيرتي.. ليس وفق هوانا أو مزاجنا الشخصي.. وهو ليس ملك غيرنا أيضا من أهل الديانات الأخرى.. الله يقول بوضوح أنه لا أحد يمتلك الجنة أو النار ولا أحد يقطع بذلك.. حتى لو كان مسلما في مواجهة يهودي.. تلك خصومة باطلة وجدل لا محل له.. لا يجوز أن يحدد الناس من يهلك ومن ينجو..

تخيلي لو أنك تتحدثين إلى مخالف لك في العقيدة، يهودي / مسيحي، لا تملكين أمامه زعم أن الجنة لك والنار له "أهم يقسمون رحمة ربك" - فما بالك لو تحدث المسلم لمسلم مساو له !

لاحظي أن هذا الحوار بين الديانات الثلاثة تم في مدينة الرسول، وكان من حق اليهود والمسيحيين أن يعتزوا بدينهم ويظنوا أنهم الناجين، دون أن يتراشقوا بالسهام أو يتقاتلوا بالسيوف.. يجلسون يتحدثون كل واحد له الحق في الاحتفاظ بعقيدته والتفاخر بها (!)

(لم يدفعوا جزية بالمناسبة لأنهم دافعوا مع جيش المسلمين ضد قريش.. ولم تحدث خصومة إلا بعد خيانة بعضهم)
ولأن الجدل العقائدي يولد الكراهية، والتعالي بدعوى الدين الحق ينشئ الصراع، فنزلت الآية تنهى الجميع عن احتكار الغيب وتحثهم على العمل والبحث عن الإيمان بالله كقضية فردية بكل انسان.
(من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً .. ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة)

والإيمان مسألة قلبية لا يعلمها إلا الله.. وهو وحده الذي يحكم فيها.. فالله قال، (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)
ثم الآية التالية تخبرنا عن الدين.. (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا)
أسلم وجهه لله.. لاحظي الكلمات، إنه خطاب فردي.. كل واحد يسلم وجهه منفردا راضيا.. دون تقليد أو انقياد للقطيع أو الجماعة.. وهو معنى الإسلام العام في القرآن.. التعرف على الله.. ثم يكون في تصرفاته شيء من الحُسن (..) وملة ابراهيم هي الحنيفية، أي ترك الباطل.

الآية يقول أن أحسن الدين هو ملة إبراهيم.. لم يقل دين محمد.. لأنه الآن يتحدث عن خصومة بين أتباع ثلاثة أديان.. فأعاد الأمر إلى واقعة سابقة على الأديان الثلاثة يشتركون فيها ويجدون منها جزرا واحدا..

ابراهيم عليه السلام الذي ينسب له دين واحد ورسالات ثلاثة، أرجح الأقوال أنه سبق محمد عليه السلام بحوالي 2500 سنة.. كأنه يقول أيها المسلمون لستم أول من أتى بالحق.. ولستم وحدكم أصحابه.. غيركم كثيرون.

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

 


البروفايل الشخصي

https://www.facebook.com/M.ELDWEK

 


الصفحة الرسمية


https://www.facebook.com/M.ELDWIK


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق