محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

السبت، 29 يونيو 2013

التقوى والإحسان.. تعرفيهم ؟


كل أعمالنا اليومية يا ريم نبذلها بحثا عن التقوى.. من عبادة وعمل وأخلاق.. وبحثا عن مراتب الإحسان التي تتجاوز الإسلام وتربو على الإيمان.. لكن ما هي التقوى.. وما الإحسان؟

لن أصدعك بتعريفات لغوية تبحث عن الاشتقاق الجزري من المعاجم، ولا تعريفات السلف، فهي اجتهادات.. دعيني آخذ مثالا من القرآن، كتاب الإسلام الأول.. المهجور.

يقول الله:

(وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعرف. ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا. ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه. ولا تتخذوا آيات الله هزوا. واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة .. واتقوا الله)

أمسكوهن بمعروف.. سرحوهن بمعروف.. لا تعتدوا.. لا تتخذوا آيات الله هزوا.. اتقوا الله.

لاحظي أن الله مهتم بالعلاقة بين الرجل والمرأة.. ويذكرها في أكثر من موضع.. ويستخدم ألفاظا قوية وعبارات صريحة صارمة.. العلاقة يجب أن تقوم على الرضا والكرم وعدم الاعتداء. وبعيدة عن الأذى والعنف والمكايدة.. ولو استحالت العشرة فالفراق أيضا بالمعروف. بأدب ورقي وشياكة..

لا تمسكوهن ضرار.. أي بعد الطلاق لا ترجعها إليك مرة ثانية كي تقهرها وتعتدي عليها وتطيل فترات الحبس.. لا تمسكها إلا لو رغبت في عشرة بالمعروف.. ولو تآمرت عليها من باب "اتمسكن لحد ما تتمكن" كي تعود لك وأنت تضمر شرا، فأنت ارتكبت كارثة تصل حد : الاستهزاء آيات الله !

*
ليس بالضرورة أن تعلن كفرك بالله كي تكن مستهزئا بكلامه.. فقط اخدع امرأة واعتدي عليها وهو يكفيك أن تكون مثلهم (!)
*
في نفس الآية يذكرنا الله بما (أنزلنا عليكم من الكتاب والحكمة).. ثنائية الكتاب / الحكمة.. التكامل بين الدين والعقل وانعكاس ذلك على المعاملة مع امرأة كانت يوما تسكن حضنك.. هنا يظهر وازع الشهامة المنبعث من الدين، والحكمة المكتسبة من خبرات الحياة وتجاربها.. هكذا المسلم.

والآية مختومة بالأمر بالتقوى.. فكأن سلامة النية من الاعتداء. وشرف الخصومة. ونبل المعاملة. وحسن العشرة.. هو التقوى.

مشاكل السياسة لها حل.. لها حلول.. أما تعقيدات النفس البشرية فهي أصعب مما يتخيل البعض.. نستطيع إيجاد صيغة عقد اجتماعي بين الحاكم والرعية.. لكن هذا العقد المكتوب بين رجل وامرأة لن يفيد كثيرا ما لم يكن هناك احترام وعقل. لذلك يهتم الله بهذا في المقام الأول.. هكذا الدين.
*
(وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف. ذلك يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)
الآية موجهة لأهل المرأة بعد الطلاق، لو رغبت أن تعود مرة ثانية لزوجها.. بعض الآباء يمنع ابنته أن تعود لزوجها الذي سبق وطلقها.. تعاليا وكبرا.. ( مش هترجعي للحيوان دا تاني).

وهنا يعطي للزوجة القرار في العودة بناء على رغبتها دون إكراه أو منع "عضل". وعندما نعطي للمرأة الحرية في الاختيار والقبول و الرفض هو أكبر حماية للفضيلة، ويمنع المجتمع من سوءات الكذب والعلاقات غير المشروعة.

ومنتصف الآية تقول أن هذه التعاليم يوعظ بها (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)..

الإيمان بالله واليوم الآخر كرموز كبرى للعقيدة تجد تجلياتها في حياة الناس حين يختلفون.. يظهر في نزاعات الزواج والطلاق وعلاقة الرجل والمرأة.. هل يتعاملون بنبل وكرم أم ينحطون إلى الانتقام والملاوعة.

كأنه يقول أن العقيدة ليست مهاترات كلامية أو جدل فلسفي في باحات الجامعات والمعاهد.. العقيدة ليست كتبا ضخمة صعبة الفهم على أرفف المكتبات. الإيمان بالله واليوم الآخر تجده في قلبك عندما تتعفف عن خصومة.
*
الطلاق قبل الدخول، حالتان.. الاتفاق على مهر أو عدم الاتفاق عليه..
ستجدي في الآيات التي نذكرها توا، أن للمرأة التي لم يدخل بها زوجها حق في نصف المهر، لو تم الاتفاق عليه.. ولها الحق في المتاع "شيء من النفقة" كبديل عن عدم تسمية المهر، فالله فرض لها حق مالي ثابت، حتى من دون دخول، أي من دون ممارسة علاقة جنسية مع زوجها، وكأنه يقول أن الالتزامات الانسانية بينكما تسبق أي مخالطة بدنية.. فهي الأساس وهي الأصل وما دونها أمور مكملة.
كما أنه سمح للمرأة ان تسقط حقها في المهر أو أي أعباء مالية طالما ارتضت ذاك الرجل رفيقا.. لاحظي أن المال والجنس قد خرجا من شروط الزواج الإلزامية.. فلم يبق منه سوى مسئولية الكلمة والعشرة والأمان والدفا.
(لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة. ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره. متاعا بالمعروف حق على المحسنين)

الفتاة التي طلقها زوجها قبل الدخول ودون أن يفرض لها مهرا، يظل ملتزما بمتاعها، كل على قدره.. الموسع والمقتر، الغني والفقير.. بعض الفقهاء مثلا كان يرى متاع المطلقة أن تجلب لها خادما وتشتري لها ثياب.
لاحظي أن الطلاق تم دون كتابة مهر.. فلا يوجد دليل يلزم الرجل بشيء. فمن الممكن أن يتحلل الرجل من أي التزام. وهنا يتراجع القانون وتغيب العقود الموثقة. ولا يبق إلا الضمير والشهامة.. لذلك من يوفي بهذا الالتزام تجاه امرأة لم يعد يربطه بها شيء ولم يخالطها جسديا. إلا شخص بلغ مرتبة الإحسان.. وبذلك نكون أجبنا على معنى من معاني الإحسان بنص القرآن.

(وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم. إلا أن يعفون. أو يعفو الذي بيده عقده النكاح. وأن تعفوا أقرب للتقوى. ولا تنسوا الفضل بينكم)
تلك هي الحالة الثانية، أن يتم الطلاق قبل الدخول ولكن بعد الاتفاق على مهر، (سمى الله حق المرأة فريضة) فلها نصف المهر.. إلا أن تعفو المرأة وتتنازل عن حقها لطليقها.. أو يعفو الرجل "الذي بيده عقدة النكاح" عن كامل المهر ويتنازل عنه لها.

ثم تكون الوصية (وأن تعفو أقرب للتقوى)..

العفو هو التقوى.. بأبسط تعريف.. العفو عن حقك المالي والإبقاء على الكرم والمودة.

--صعبة أوي على فكرة خاصة وقت وجود مشاكل وطلاق وعناد--
تخيلي كيف يتعامل المتقين من الرجال والنساء.. المرأة تحرص على ترك حقها في المهر، وترجو له حياة أفضل مع أخرى.. ويحرص الرجل على ترك المال للمرأة عسى أن يكون عزاء لها عن انفضاض الرابطة.

يا ربي إنهما يتشاجران لأن كل واحد يريد التنازل عن حقه للآخر، وليس لأن كل واحد يريد قسم ظهر الآخر.
ونهاية الآية (ولا تنسوا الفضل بينكم)..

متنساش أكلة حلوة. جيبة قصيرة. بوسة. يوم ما كنت راجع متضايق راحت ضاربة البنتكور وفضلت تخفف عنك "عادي انتو كاتبين الكتاب".. وانتي متنسيش بوكيهات الورد والدباديب والانسيال والرصيد اللي خلصه طول الليل عليكي (إلا لو كنتو فودافون).. بس كدة.



للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

 


البروفايل الشخصي

https://www.facebook.com/M.ELDWEK

 


الصفحة الرسمية

https://www.facebook.com/M.ELDWIK


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق