محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الثلاثاء، 4 يونيو 2013

فتحاً مبيناً


سورة الفتح التي بدأها الله بآية ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) . لم تنزل كما يظن البعض لأول وهلة، في فتح مكة .. لم تنزل على أعقاب الانتصار في الغزو أو التمكن في القتال. 

إنما نزلت في الحديبية.. اثناء عقد الصلح، وإقامة العهود، وبداية السلام مع الكافرين.. فالفتح في القرآن الذي يحمل اسم سورة، جاء لوصف اتفاقية سلام وليس الغلبة في الحرب. 

الرسول في العام السادس من الهجرة ذهب معتمرا، 
ومعه ألف من رجاله، فأرسلت قريش له لعقد هدنة، ومن شروطها منع الرسول من دخول مكة هذا العام والرجوع محرمين دون عمرة، وهذا ما أغضب الصحابة. 

واثناء ذلك نزلت الآية التالية (لينصرك الله نصرا عزيزا) . فكأن النصر العزيز للإسلام يأتي لو تخلى الناس عن الحرب وبدأوا في عقد هدنة لحقن الدم وإقرار حرية الانتقال العقيدي. 

ورضى الرسول بشروط أقل.. رضى أن لا يقبل من جاءه مسلما.. بينما تقبل قريش من جاءها كافرا.. وقال لصحابته في ثقة : من أسلم سيجعل الله له فرجا.. ومن تركنا وذهب لهم فقد كفانا الله شره ( لم يقل من ترك ديننا قتلناه .. لاحظ ).

ولأن القوي لا يخشى من ان يعطي للناس حريتهم في تقرير مصيرهم دون قهر أو كبت.. فلقد مر العام والباب مفتوح لترك الاسلام، دون عقاب، ولم يتركه أحد.

*

وفي العام التالي عام 7 للهجرة، ذهب الرسول معتمرا فيما سميت عمرة القضاء، وطاف بالكعبة وحولها الأصنام من كل جانب 360 صنم وكبيرهم هبل على هيئة انسان من العقيق، ولم يتعرض لها بأذى، احتراما ووفاء للعهد الذي بينهم.

ولم يلتفت الرسول لذلك، فإخلاص الوجه لله هو الاساس.. فالكعبة في النهاية حجر والمسجد أحجار ، ولكن القلب يتعلق بالله ولا يتوقف عند الهيئات والأشكال.. وهو دليل على ديناميكية الرسول ومرونته. 

-
وبعد أن فرغ الرسول من المناسك خطب ميمونة بنت الحارث.. وأراد أن يقيم عرسه في مكة ( بلد الكافرين الوثنيين ) باعتبارها دار سلم، ولكن قريشا أرسلت له رجلا يدعى حويطب، يطلب منه الخروج طالما أتم المناسك. 

فقال الرسول في رفق مشفوع برجاء : ماذا عليكم لو تركتموني أقمت عرسا وسطكم، وأعددت طعاما ودعوتكم إليه !

يا ربي.. الرسول يريد إقامة عرسه وسط كفار قريش .. بل يصنع طعاما يدعوهم له يأكلون معه ويشاركوه فرحه.. يتسامرون.. يضحكون.. يسلمون عليه ويباركون.. ربما قبل أحدهم طرف عمامته أو منكبه العريضة.

اسرح بخيالك وارسم صورة فيها بشر وأحداث ومشاعر وحياة.. فيها طعام وعرس.. نبي باسم وقومه من الكافرين المنكرين يصافحون. 

و سمى الله الوقائع أنها نصر وفتح وعزة.. في مواقف كتلك.

فهل عرفتم دينكم أيها الرجال.. أم تجتزئون منه سياقات تاريخية ونصية لتبررون الكراهية والعداء كحالة عامة. 

*
يجب أن نؤكد كل مرة أن القرآن يحوي آيات حازمة حاسمة شديدة اللهجة، ولكنها تحكم حالات الحرب ورد الاعتداء وحماية العقيدة.. وهي استثناء.. بينما الاصل العام هو الدعوة والمسالمة والتبشير.. فالجندي يحارب يوما ويعيش مسالما الف يوم.. ولو قرر هذا الجندي أن يرى في طرقات المدينة الآمنة ساحة للحرب، فسوف يتحول من جندي شجاع إلى قاتل محترف.

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

 البروفايل الشخصي

https://www.facebook.com/M.ELDWEK

 

الصفحة الرسمية

https://www.facebook.com/M.ELDWIK

 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق