محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الثلاثاء، 19 مارس 2013

قرآن مهجور ، يا ريم

 

تأملات في قرآن مهجور ..


- (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) .


لاحظي يا ريم أن الله دائما يجعل العلاقة الرأسية بين العبد وربه تنتقل الى علاقة أفقية بين الناس بعضهم وبعض . وعلاقة فردية بين الانسان وفطرته الطيبة .


توقفي أمام كلمة "على حبه " ، هاء الضمير عائدة على الطعام .. أي أن هذا الطعام الذي يطعمون به الفقراء عزيز عليهم ، ربما لأنه طعام جيد ومكلف ، أو ربما لأنهم ليسو أغنياء بما فيه الكفاية ، فيقتطعون من نصيبهم للآخرين .


فهم لا ينفقون الردئ ، ولا ينفقون الزائد عن الحاجة فقط.


تهذيب النفوس ليس شيء سهل بالمرة ..تطهيرها من الأنانية والجشع والحب الزائد للمال لا تنجح فيه الحضارة الحديثة ، ولكن الايمان بالعقيدة .. تلك وظيفة الدين في المقام الاول .. الانسان .


دعينا ننتقل الى كلمة ثانية أكثر خطورة ، نهاية الآية تذكر "الأسير" ، كأحد صنوف مستحقي الإطعام من أموال المؤمنين .. راجعت الكثير من كتب التفاسير يا ريم ووجدتها كلها تحاول لي عنق الاية وتحميلها ما لا تحتمل من تأويلات ، حتى يكون الاسير هو الاسير المسلم .


لم أستسغ الامر ، كيف أطعم الاسير المسلم وهو بالفعل في حوزة جيش العدو ؟؟


إلى أن صادفت مقولة للعلامة محمد حسين الطباطبائي في تفسير الميزان ، أن كل ذلك تكلف من غير دليل عليه .


تقولين لي ولكن الطباطبائي ، فارسي الاصل ؟؟ أريد أن أذكرك أن من أبدع علم النحو كان رجلا فارسيا من شيراز ، اسمه سيباوية .. حتى اسمه ليس اسما عربيا .. سيباوية معناها رائحة التفاح على أحد الاقوال .


وأريد أن أذكرك أن النص ملزم لنا ، بينما تفسير النص ليس ملزم .. والنص واضح .


الأسير ، هو ما يقع في أيدينا من أفراد جيش مقاتل لنا .. موجبات المروءة والشهامة أن يتم معاملته معاملة حسنة وكريمة وأن ننفق عليه من أموالنا بغض النظر عن موقفه كجندي في معركة قد يكون مجبر عليها .


هذا الكلام قبل اتفاقية جنيف الصادرة عام 1949 لمعاملة أسرى الحرب .


هل كان عليهم أن يذهبوا الى جنوب غرب سويسرا عند منبع نهر الرون كي يكتبوا بنودا مستقرة لدينا منذ قرون ؟


لماذا تصير جنيف هي عاصمة السلام في العالم ، بينما السلام هو عنوان ديننا وأحكام قرآننا ؟! لماذا يضعون هم هذه البنود ويقفون ليعتبروا نفسهم ممثلي الانسانية والحضارة ، بينما نحن على الهامش .


نحن كمن استلم إرثا من سبائك الذهب فباعها الى فتى الروبابيكيا الذي يمر في الشارع بعربة خشبية يدوية على أنها كتل من حديد أو نحاس . لا تلم بائع الروبابيكيا ، ولكن لم الوريث الأحمق .


- وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذاوا هذا القرآن مهجورا -


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق