محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الأحد، 31 مارس 2013

بل نحسن صحبته

ليس من السهل أن تتفق القبلية على شخصية أحدهم .. الرجل الحر في صحراء شبه الجزيرة لم يعتد الانصياع الى أي سلطة .. هو حر دوما , والأرض الممتدة تمثل له الكثير , إنها غير مملوكة لبشر , وهو يقطع فيها بقدر اتساع خطوات فرسه . يضع سيفه في رقبته ولا يحمل الدولة مسئولية حمايته .

ولكن الخزرج قد اتفقوا على عبد الله بن أبي .. كان شجاعا وفصيحا ولديه نظرة ثاقبة , وقامته الممشوقة تعطيه الكثير من المهابة . وأثناء صناعة تاج الامارة وتزيينه بحبات الخرز انقلب الحال . وجاء محمد (ص) الى يثرب فارتضته القبائل رسولا وحاكما وقائدا .

وأجهضت أحلام عبد الله بن أبي في تاج الامارة . ونظر الى القادم على أنه عدو .

ومرت الايام , وأشهر عبد الله اسلامه , على كره , يتلفظ كلمات تخالف طبيعة ما في قلبه .فكانت النتيجة أنه كفر من بعد إيمانه , لو كان بالفعل قد آمن يوما .

ولأن محمدا كان انسانا عظيما الى جوار كونه آخر الرسل , فهو يتفهم نوازع البشر وضعف تكوينهم , وما يخالطه من احقاد أو طموح أو احباط .. ولذلك تفهم موقف عبد الله . رغم يقينه من كفره .

عبد الله بن أبي جعله الرسول على رأس سرية كان من المفترض أن تخرج غازية لتعضد الجيش الذي يحارب في أُحد .. ولكنه قام بمناورة وعاد بسريته التي كانت تمثل قرابة ثلث الجيش .. فأضعف من القوات حول الرسول.. ولم يعاتبه الرسول ,رغم استحقاقه محاكمة عسكرية تودي بحياته .

وعندما زاد أذاه للرسول , وجاهر بالعداء , جاء الى النبي ابن عبد الله وكان من خيرة المؤمنين , وقال له لو كنت آمرا قتل أبي فاجعلني من يقتله فأنا لن أطيق رؤية قاتل أبي .

فواساه الرسول وهدأ من غضبه , وقال له وهو يبتسم , " بل نحسن صحبته ".

يا رسول الله , إنه منافق .. لقد جهر بكلمة الكفر .. إنه يشتمك .. إنه يتآمر ضد هذا الدين .

يصمت عنهم الرسول , ويوازن بين أمور الدين ودوافع السياسة والادارة .. ويتعاطى مع العامل الانساني السيكولوجي لكل حالة على حدة , ثم يصدر حكمه : بل نحسن صحبته .

ولكن أتباعك , أيها المعلم , قد أساءوا الصحبة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق