محمد الدويك

صورتي
Egypt
حينما ولدت حاولوا تعليمي المشي والكلام وآداب الطعام وفنون التعامل اللائق مع الناس . ولكن أحدا لم يعلمني كيف أفكر وأن أصل الى الحق , بالبحث والتجربة والملاحظة والوصول الى نتيجة . وكأن العلم حرام .. وكأن تجربة نبي الله ابراهيم ركام علاه الغبار فلا أمل في بعثه من جديد . فلنتحرر قليلا مما غرس بدواخلنا من آثام وخطايا .. ونبذل محاولة أخرى للفهم . فالله وضع العقل بنسب متفاوتة في خلقه , ولكنه ألقى رسالاته وعقد تكليفاته على أكثر الكائنات اكتمالا للعقل . الكائن الوحيد الذي استطاع تدوين تاريخه ونقله لمن بعده . فالفاهمون هم المخاطبون بالوحي .. وهم اصحاب العقول الذين ننشدهم هنا .

الثلاثاء، 19 مارس 2013

على حائط المبكى

وفقا لتقارير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ALECSO , نسبة الأمية في الوطن العربي هي الأعلى بين شعوب العالم .. حيث يصل العدد الى 100 مليون أمي عربي بنسبة تصل الى 30% من تعداد سكان المنطقة الذين يقدرون بـ 300 مليون نسمة !!


وتأتي مصر على رأس القائمة ؛ حيث عدد الأمية فيها يقترب من 20 مليون أمي .


مصر التي نحتت تمثالا للكاتب الجالس القرفصاء منذ الاف السنين ليكون رمزا للحضارة .. مصر التي كتبت على الحجر والورق ورقع الجلود .. والتي عرفت المطبعة وفن السينما وحركة القطار منذ أكثر من مائتي عام .


اول عرض سينمائي قام به الاخوان لوميير كان في ايطاليا عام 1895 وكان العرض التالي له مباشرة في مدينة الاسكندرية , بعد أقل من عام في يناير 1896 .. ودخل القطار الى مصر في عهد الخديو عباس عام 1853 , لتأتي في المركز الثاني في العالم بعد انجلترا , وأشرف على إنشائه المهندس روبرت ستيفينسون صاحب الاختراع الاصلي .


*

طه حسين منذ اكثر من نصف قرن قال "إن التعليم كالماء والهواء" .. فلا حياة لنا من دون هذه الثلاثية , الماء والهواء والتعليم .. لو عاش طه حسين ليرى أن مياه المجاري صارت تختلط بمياه الشرب , ورأي الهواء الملوث الناتج عن حرق قش الارز , لفكر كثيرا قبل قول كلمته .


*

لقد كان فداء الاسرى في الاسلام أن يعلم الاسير عشرة من المسلمين الكتابة والقراءة ؛ أي أنه من أثار الجهاد في سبيل الله أن نمحو الأمية ويزداد الناس معرفة .. وقال الله فيهم ( فإما منا بعد وإما فداء ) , فلا حاجة لنا في الاسرى , نحن نحتاج ناس متعلمون .


حينما تستطيع الجماعات المتشددة محو أمية 100 مليون عربي , كخطوة أولى في سلم الانسانية , هنا نبدأ مناقشة فكرة " تطبيق الشريعة " .


لن أتحدث عن علوم مثل النانو تكنولوجي أو الهندسة الجينية أو ميكانيكا الكم أو البرمجيات .. ولن أتحدث عن صناعة الدواء والسلاح والتكنولوجيا المتطورة .. لن أتحدث عن زراعة القمح والارز والقطن .. لن أتحدث عن معدلات البحث العلمي وبراءات الاختراع والانتاج الفكري والابداعي وحركة الترجمة , فهذه أمور تعد من دروب الجنون .


هل هكذا نحن خير أمة .. هل نحن قادرون على مقاومة الظلم والفساد في العالم .. هل نملك رباط الخيل وأصول المواجهة والصمود .. هل نحن بتلك الطريقة خلفاء الله في الارض .. هل أحسنا عمارتها واستغلال مواردها والاصلاح فيها , والاستفادة من تسخير الله ما في الارض لنا ؟؟


*

وفق تقارير الأمم المتحدة يتمركز المواطنون الاكثر فقرا في العالم في قارة اسيا في ست دول هي : أفغانستان - كامبوديا - الهند - باكستان - بنجلادش - نيبال . بالملاحظة تكتشف ان نصفهم دولا اسلامية تحوي مئات الملايين من المسلمين .


ووفقا لذات التقارير فعدد المتوفين في عام 2001 نتاج المرض في افريقيا يقدر بـ 2.3 مليون مريض . وأن 70% من مصابي الايدز AIDS في العالم موجودون في افريقيا .


وفي ظل هذا الوضع الصحي والانساني المتدهور , تجد أن حركة "بوكو حرام" , فرع تنظيم القاعدة في نيجيريا مهتمة "بتطبيق الشريعة" عن طريق تحريم التعليم الغربي , فمعنى الكلمة باللغة الهوسية هو التعليم الغربي حرام .. ثم يحملون السلاح ويتهمون الاخرين بالكفر ويساعدون في المزيد من القتل .. حياة الناس هناك مليئة بالمشاكل وهم يزيدون المشاكل تعقيدا .


ألم يعلموا أن الاسلام جاء ليسهم في إيجاد حلول لمعانة البشر , حتى لو كان هذا على حساب النص الالهي .. فيمكن تعطيل كلام الله مؤقتا من أجل حماية الانسان .


ثم تنظيم القاعدة في المغرب العربي الذي انفصل بشمال مالي منذ اشهر قليلة فيما يعرف بإقليم "الازواد" , ويعمل على تطبيق الشريعة بجلد الرجال ورجم النساء .


لقد قال الله لنبيه ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) وقال الرسول لهزال حينما جاء يشهد على واقعة زنا ( لو سترته بثوبك لكان خيرا لك وله ) وقال للرجل الذي جاء يعترف على نفسه باقتراف حد ( صل معنا ) وبعد الصلاة عاد الرجل يسأل النبي انزال الحد عليه , فقال له : اذهب قد غفر الله لك .


ولكنه في حجة الوداع ظل يصرخ فيهم : ألا إن أموالكم ودماءكم عليكم حرام .


حفظ الدم والمال والنفس هم آخر وصايا الرسول .. وحفظ النفس يأتي بحقن الدماء وتطوير علوم الطب والمناعة وصناعة الدواء بدلا من ملايين الموتى كل عام . حفظ الدم يكون بتداول سلمي للسلطة والاعتراف بالمؤسسات الحديثة والكف عن الصراع الطائفي والعرقي .


*

لا توجد احصاءات دقيقة عن نسبة الاسلام في افريقيا , ولكن وفقا لبعض التقارير فهو قد يبلغ 40% من سكان القارة السوداء بتعداد يقترب من 450 مليون مسلم .. بينما قرابة 500 مليون ما بين المسيحية والعبادات الوثنية .


كيف يقدم الاسلام نفسه وسط الفقر والمرض والحروب في افريقيا .. هل بالجلد والرجم وحمل السلاح للاقتتال الداخلي , أم بتبني مشاكلهم الحقيقية والعمل على حلها ؟؟


سؤال موجه لنا ولكم ولهم .. وهما عارفين نفسهم كويس !!


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق